فصل: كِتَابُ الْعِدَدِ.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج ***


فَصْلٌ‏:‏ ‏[‏فِي الْمَقْصُودِ الْأَصْلِيِّ مِنْ اللِّعَانِ‏]‏

المتن‏:‏

لَهُ اللِّعَانُ لِنَفْيِ وَلَدٍ وَإِنْ عَفَتْ عَنْ الْحَدِّ وَزَالَ النِّكَاحُ، وَلِدَفْعِ حَدِّ الْقَذْفِ وَإِنْ زَالَ النِّكَاحُ، وَلَا وَلَدَ، وَلِتَعْزِيرِهِ، لَا تَعْزِيرَ تَأْدِيبٍ لِكَذِبٍ كَقَذْفِ طِفْلَةٍ لَا تُوطَأُ، وَلَوْ عَفَتْ عَنْ الْحَدِّ أَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِزِنَاهَا أَوْ صَدَّقَتْهُ وَلَا وَلَدَ أَوْ سَكَتَتْ عَنْ طَلَبِ الْحَدِّ أَوْ جُنَّتْ بَعْدَ قَذْفِهِ فَلَا لِعَانَ فِي الْأَصَحِّ، وَلَوْ أَبَانَهَا أَوْ مَاتَتْ ثُمَّ قَذَفَهَا بِزِنًا مُطْلَقٍ أَوْ مُضَافٍ إلَى مَا بَعْدَ النِّكَاحِ لَاعَنَ إنْ كَانَ وَلَدٌ يَلْحَقُهُ فَإِنْ أَضَافَ إلَى مَا قَبْلَ نِكَاحِهِ فَلَا لِعَانَ إنْ لَمْ يَكُنْ وَلَدٌ وَكَذَا إنْ كَانَ فِي الْأَصَحِّ لَكِنْ لَهُ إنْشَاءُ قَذْفٍ وَيُلَاعِنُ، وَلَا يَصِحُّ نَفْيُ أَحَدِ تَوْأَمَيْنِ

الشَّرْحُ‏:‏

فَصْلٌ فِي الْمَقْصُودِ الْأَصْلِيِّ مِنْ اللِّعَانِ وَهُوَ نَفْيُ النَّسَبِ كَمَا قَالَ ‏(‏لَهُ‏)‏ أَيْ الزَّوْجِ ‏(‏اللِّعَانُ لِنَفْيِ وَلَدٍ‏)‏ وَلَوْ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ ‏(‏وَإِنْ عَفَتْ‏)‏ أَيْ الزَّوْجَةُ ‏(‏عَنْ الْحَدِّ‏)‏ أَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِزِنَاهَا ‏(‏وَ‏)‏ إنْ ‏(‏زَالَ النِّكَاحُ‏)‏ بِطَلَاقٍ أَوْ غَيْرِهِ لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ، لِأَنَّ نَفْيَ النَّسَبِ آكَدُ مِنْ دَرْءِ الْحَدِّ‏.‏

تَنْبِيهٌ‏:‏

قَضِيَّةُ قَوْلِهِ لَهُ‏:‏ أَنَّهُ لَا يَجِبُ، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ، وَلَيْسَ مُرَادًا بَلْ يَجِبُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ ‏(‏وَ‏)‏ لَهُ اللِّعَانُ أَيْضًا ‏(‏لِدَفْعِ حَدِّ الْقَذْفِ‏)‏ عَنْهُ ‏(‏وَإِنْ زَالَ النِّكَاحُ وَلَا وَلَدَ‏)‏ هُنَاكَ لِحَاجَتِهِ إلَيْهِ‏.‏

تَنْبِيهٌ‏:‏

قَضِيَّتُهُ أَيْضًا أَنَّهُ لَا يَجِبُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ، وَلَكِنْ الَّذِي صَرَّحَ بِهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي الْقَوَاعِدِ وَهُوَ أَقْعَدُ الْوُجُوبُ دَفْعًا لِلْحَدِّ وَالْفِسْقِ عَنْهُ، وَهَلْ وَجَبَ الْحَدُّ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ عَلَى الْمُلَاعِنِ ثُمَّ سَقَطَ بِاللِّعَانِ أَوْ لَمْ يَجِبْ أَصْلًا‏؟‏ احْتِمَالَانِ لِلْإِمَامِ، وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ ‏(‏وَ‏)‏ لَهُ اللِّعَانُ أَيْضًا ‏(‏لِتَعْزِيرِهِ‏)‏ أَيْ دَفْعِ تَعْزِيرِ الْقَذْفِ الْوَاجِبِ عَلَى الْقَاذِفِ كَقَذْفِ زَوْجَتِهِ الْأَمَةِ أَوْ الذِّمِّيَّةِ وَصَغِيرَةٍ يُمْكِنُ جِمَاعُهَا؛ لِأَنَّهُ غَرَضٌ صَحِيحٌ وَيُسَمَّى هَذَا تَعْزِيرَ تَكْذِيبٍ أَيْضًا، وَلَا يُسْتَوْفَى إلَّا بِطَلَبِ الْمَقْذُوفِ ‏(‏لَا تَعْزِيرَ تَأْدِيبٍ لِكَذِبٍ‏)‏ مَعْلُومٍ ‏(‏كَقَذْفِ طِفْلَةٍ لَا تُوطَأُ‏)‏ أَيْ لَا يُمْكِنُ وَطْؤُهَا فَإِنَّهُ لَا يُلَاعِنُ لِإِسْقَاطِهِ، وَإِنْ بَلَغَتْ وَطَالَبَتْهُ لِلْعِلْمِ بِكَذِبِهِ فَلَمْ يَلْحَقْ بِهَا عَارٌ، بَلْ يُعَزَّرُ تَأْدِيبًا عَلَى الْكَذِبِ حَتَّى لَا يَعُودَ لِلْإِيذَاءِ، وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ قَالَ‏:‏ زَنَى بِكِ مَمْسُوحٌ أَوْ ابْنُ شَهْرٍ مَثَلًا، أَوْ قَالَ لِرَتْقَاءَ أَوْ قَرْنَاءَ زَنَيْتِ فَإِنَّهُ يُعَزَّرُ لِلْإِيذَاءِ وَلَا يُلَاعِنُ، وَهَذَا ظَاهِرٌ إذَا صَرَّحَ بِالْفَرْجِ، فَإِنْ أَطْلَقَ فَيَنْبَغِي أَنْ يُسْأَلَ عَنْ دَعْوَاهَا عَنْ إرَادَتِهِ، فَإِنَّ وَطْأَهَا فِي الدُّبُرِ مُمْكِنٌ فَيَلْحَقُ الْعَارُ بِهَا، وَيَتَرَتَّبُ عَلَى جَوَابِهِ حُكْمُهُ‏.‏

تَنْبِيهٌ‏:‏

اقْتِصَارُ الْمُصَنِّفِ عَلَى هَذَا الِاسْتِثْنَاءِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ قَذَفَهَا زِنًا ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِإِقْرَارِهَا أَنَّهُ يُلَاعِنُ لِإِسْقَاطِ تَعْزِيرِهِ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يُلَاعِنُ؛ لِأَنَّ اللِّعَانَ لِإِظْهَارِ الصِّدْقِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، فَلَا مَعْنَى لَهُ، وَلِأَنَّ التَّعْزِيرَ فِيهِ لِلسَّبَبِ وَالْإِيذَاءِ، فَأَشْبَهَ التَّعْزِيرَ بِقَذْفِ صَغِيرَةٍ لَا تُوطَأُ ‏(‏وَلَوْ‏)‏ قَذَفَ زَوْجَتَهُ وَ ‏(‏عَفَتْ عَنْ الْحَدِّ‏)‏ أَوْ التَّعْزِيرِ ‏(‏أَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِزِنَاهَا أَوْ صَدَّقَتْهُ‏)‏ عَلَيْهِ ‏(‏وَلَا وَلَدَ‏)‏ وَلَا حَمْلَ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ يَنْفِيه ‏(‏أَوْ سَكَتَتْ عَنْ طَلَبِ الْحَدِّ‏)‏ أَوْ التَّعْزِيرِ وَلَمْ تَعْفُ ‏(‏أَوْ‏)‏ قَذَفَهَا وَ ‏(‏جُنَّتْ بَعْدَ قَذْفِهِ‏)‏ أَوْ قَذَفَهَا مَجْنُونَةً بِزِنًا مُضَافٍ لِلْإِفَاقَةِ وَلَا وَلَدَ أَيْضًا فِي مَسْأَلَةِ السُّكُوتِ وَمَا بَعْدَهَا وَإِنْ أَوْهَمَ تَوَسُّطُ قَوْلِهِ وَلَا وَلَدَ بَيْنَ الْمَعْطُوفَاتِ خِلَافَهُ ‏(‏فَلَا لِعَانَ‏)‏ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ ‏(‏فِي الْأَصَحِّ‏)‏ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ لِسُقُوطِ الْحَدِّ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ الْأُوَلِ، وَلِانْتِفَاءِ طَلَبِهِ فِي الْبَاقِي وَالثَّانِي‏:‏ لَهُ اللِّعَانُ فِي ذَلِكَ لِغَرَضِ الْفُرْقَةِ الْمُؤَبَّدَةِ، وَالِانْتِقَامِ مِنْهَا بِإِيجَابِ حَدِّ الزِّنَا عَلَيْهَا وَيَسْتَوْفِي مِنْ الْمَجْنُونَةِ بَعْدَ إفَاقَتِهَا إنْ لَمْ تُلَاعِنْ أَمَّا إذَا كَانَ هُنَاكَ وَلَدٌ فَإِنَّ لَهُ اللِّعَانَ لِنَفْيِهِ قَطْعًا‏.‏

تَنْبِيهٌ‏:‏

كَلَامُهُ يُفْهِمُ تَسَاوِيَ الْكُلِّ فِي عَدَمِ اللِّعَانِ وَلَيْسَ مُرَادًا بَلْ هُوَ فِي الثَّلَاثِ الْأُوَلِ مُطْلَقٌ، وَفِيمَا عَدَاهَا مُقَيَّدٌ بِالنَّفْيِ فِي الْحَالِ خَاصَّةً، فَلَوْ طَالَبَتْ مَنْ سَكَتَتْ أَوْ الْمَجْنُونَةُ بَعْدَ كَمَالِهَا لَاعَنَ ‏(‏وَلَوْ أَبَانَهَا‏)‏ بِثَلَاثٍ أَوْ دُونَهَا، وَلَوْ عَبَّرَ بِبَانَتْ لَشَمِلَ مَا لَوْ انْقَضَتْ عِدَّةُ رَجْعِيَّةٍ أَوْ حَصَلَ انْفِسَاخٌ ‏(‏أَوْ مَاتَتْ ثُمَّ قَذَفَهَا‏)‏ فَإِنْ قَذَفَهَا ‏(‏بِزِنًا مُطْلَقٍ أَوْ مُضَافٍ إلَى مَا‏)‏ أَيْ زَمَنٍ ‏(‏بَعْدَ النِّكَاحِ لَاعَنَ إنْ كَانَ وَلَدٌ يَلْحَقُهُ‏)‏ بِحُكْمِ النِّكَاحِ يُرِيدُ نَفْيَهُ لِلْحَاجَةِ إلَى النَّفْيِ كَمَا فِي صُلْبِ النِّكَاحِ وَتَسْقُطُ عَنْهُ الْعُقُوبَةُ بِلِعَانِهِ وَيَجِبُ بِهِ عَلَى الْبَائِنِ عُقُوبَةُ الزِّنَا حَيْثُ كَانَ مُضَافًا لِحَالَةِ النِّكَاحِ بِخِلَافِ الْمُطْلَقِ، وَيَسْقُطُ عَنْهَا بِلِعَانِهَا‏.‏

تَنْبِيهٌ‏:‏

أَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ وَلَدٌ يَلْحَقُهُ لَا لِعَانَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّهُ كَالْأَجْنَبِيِّ، وَلِأَنَّهُ لَا ضَرُورَةَ إلَى الْقَذْفِ حِينَئِذٍ فَيُحَدُّ بِهِ، وَأَفْهَمَ أَنَّهُ لَا يُلَاعِنُ لِلْحَمْلِ قَبْلَ انْفِصَالِهِ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ، وَاَلَّذِي نَقَلَهُ فِي الْكَبِيرِ عَنْ الْأَكْثَرِينَ تَرْجِيحُ الْجَوَازِ، وَتَبِعَهُ فِي الرَّوْضَةِ، وَهُوَ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ الْمُعْتَمَدُ لِئَلَّا يَمُوتَ الزَّوْجُ فَيَفُوتَ مَقْصُودُهُ بِإِلْزَامِهِ التَّأْخِيرَ، وَلَوْ كَانَ الْحَمْلُ فِي الْمَيِّتَةِ لَمْ يُلَاعِنْ قَطْعًا، فَإِنْ شُقَّ جَوْفُهَا وَأُخْرِجَ لَاعَنَ لِنَفْيِهِ، وَلَا دُفِنَتْ بِهِ فَأَوْلَى بِالْمَنْعِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ‏:‏ وَلَمْ يَذْكُرُوهُ وَأَسْقَطَ مِنْ الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا مَسْأَلَةَ الْمَوْتِ ‏(‏فَإِنْ أَضَافَ‏)‏ زِنَاهَا ‏(‏إلَى مَا‏)‏ أَيْ زَمَنٍ ‏(‏قَبْلَ نِكَاحِهِ‏)‏ أَوْ إلَى مَا بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ ‏(‏فَلَا لِعَانَ إنْ لَمْ يَكُنْ وَلَدٌ‏)‏ إذْ لَا ضَرُورَةَ إلَى الْقَذْفِ فَيُحَدُّ بِهِ كَقَذْفِ الْأَجْنَبِيَّةِ ‏(‏وَكَذَا إنْ كَانَ‏)‏ وَلَدٌ، فَلَا لِعَانَ ‏(‏فِي الْأَصَحِّ‏)‏ لِتَقْصِيرِهِ بِذِكْرِ التَّارِيخِ، وَهَذَا مَا نَقَلَهُ فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ عَنْ الْمُحَرَّرِ وَقَالَ‏:‏ إنَّهُ أَقْوَى وَالثَّانِي‏:‏ لَهُ اللِّعَانُ كَمَا لَوْ أَطْلَقَ، وَعَزَاهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ لِلْأَكْثَرِينَ، لِأَنَّهُ قَدْ يَظُنُّ الْوَلَدَ مِنْ ذَلِكَ الزِّنَا فَيَنْفِيهِ بِاللِّعَانِ، وَسَكَتَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فِي تَصْحِيحِ التَّنْبِيهِ وَقَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ‏:‏ إنَّ الْفَتْوَى عَلَيْهِ، وَمَعَ هَذَا فَالْمُعْتَمَدُ مَا فِي الْمَتْنِ، إذْ كَانَ حَقُّهُ أَنْ يُطْلِقَ الْقَذْفَ، أَوْ يُضِيفَهُ إلَى النِّكَاحِ ‏(‏لَكِنْ لَهُ إنْشَاءُ قَذْفٍ‏)‏ مُطْلَقٍ أَوْ مُضَافٍ إلَى حَالَةِ النِّكَاحِ ‏(‏وَيُلَاعِنُ‏)‏ لِنَفْيِ النَّسَبِ لِلضَّرُورَةِ، بَلْ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ إنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ، وَيَسْقُطُ عَنْهُ بِلِعَانِهِ حَدُّ الْقَذْفِ، فَإِنْ لَمْ يُنْشِئْ قَذْفًا حُدَّ، وَلَا حَدَّ عَلَيْهَا بِلِعَانِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ أَضَافَ الزِّنَا إلَى نِكَاحِهِ، وَتَتَأَبَّدُ الْحُرْمَةُ بَعْدَ اللِّعَانِ ‏(‏وَلَا يَصِحُّ‏)‏ جَزْمًا مِنْ الْمُلَاعِنِ ‏(‏نَفْيُ أَحَدِ تَوْأَمَيْنِ‏)‏ وَهُمَا اسْمُ وَلَدَيْنِ فِي بَطْنٍ وَاحِدٍ وَمَجْمُوعُهُمَا حَمْلٌ وَاحِدٌ سَوَاءٌ وُلِدَا مَعًا أَمْ مُتَعَاقِبَيْنِ وَبَيْنَهُمَا أَقَلُّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يُجْرِ الْعَادَةَ بِأَنْ يَجْتَمِعَ فِي الرَّحِمِ وَلَدَانِ مِنْ مَاءِ رَجُلَيْنِ؛ لِأَنَّ الرَّحِمَ إذَا اشْتَمَلَ عَلَى الْمَنِيِّ انْسَدَّ فَمُهُ فَلَا يَتَأَتَّى مِنْهُ قَبُولُ مَنِيٍّ آخَرَ، وَمَجِيءُ الْوَلَدَيْنِ إنَّمَا هُوَ مِنْ كَثْرِ مَادَّةِ الزَّرْعِ، فَإِنْ نَفَى أَحَدَهُمَا وَاسْتَلْحَقَ الْآخَرَ، أَوْ سَكَتَ عَنْ نَفْيِهِ مَعَ إمْكَانِهِ لَحِقَاهُ، وَلَوْ نَفَاهُمَا بِاللِّعَانِ ثُمَّ اسْتَلْحَقَ أَحَدَهُمَا أَوْ نَفَى أَوَّلَهُمَا بِاللِّعَانِ ثُمَّ وَلَدَتْ الثَّانِيَ فَسَكَتَ عَنْ نَفْيِهِ، أَوْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ تَلِدَهُ لَحِقَهُ الْأَوَّلُ مَعَ الثَّانِي وَلَمْ يَعْكِسْ لِقُوَّةِ اللُّحُوقِ عَلَى النَّفْيِ؛ لِأَنَّهُ مَعْمُولٌ بِهِ بَعْدَ النَّفْيِ، وَلَا كَذَلِكَ النَّفْيُ بَعْدَ الِاسْتِلْحَاقِ، وَلِأَنَّ الْوَلَدَ يَلْحَقُ بِغَيْرِ اسْتِلْحَاقٍ بَعْدَ إمْكَانِ كَوْنِهِ مِنْهُ، وَلَا يَنْتَفِي عِنْدَ إمْكَانِ كَوْنِهِ مِنْ غَيْرِهِ إلَّا بِالنَّفْيِ أَمَّا إذَا كَانَ بَيْنَ وَضْعَيْ الْوَلَدَيْنِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرُ فَهُمَا حَمْلَانِ فَيَصِحُّ نَفْيُ أَحَدِهِمَا، وَمَا وَقَعَ فِي الْوَسِيطِ مِنْ أَنَّهُ إذَا كَانَ بَيْنَهُمَا سِتَّةُ أَشْهُرٍ فَهُمَا تَوْأَمَانِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ مِنْ أَنَّ الْعُلُوقَ لَا يُقَارِنُ أَوَّلَ الْمُدَّةِ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا مَرَّ فِي الْوَصِيَّةِ

خَاتِمَةٌ‏:‏

فِيهَا مَسَائِلُ مَنْثُورَةٌ تَتَعَلَّقُ بِالْبَابِ لَا يَنْتَفِي وَلَدُ الْأَمَةِ بِاللِّعَانِ، بَلْ بِدَعْوَى الِاسْتِبْرَاءِ؛ لِأَنَّ اللِّعَانَ مِنْ خَوَاصِّ النِّكَاحِ كَالطَّلَاقِ وَالظِّهَارِ وَلَوْ مَلَكَ زَوْجَتَهُ ثُمَّ وَطِئَهَا وَلَمْ يَسْتَبْرِئْهَا ثُمَّ أَتَتْ بِوَلَدٍ وَاحْتُمِلَ كَوْنُهُ مِنْ النِّكَاحِ فَقَطْ فَلَهُ نَفْيُهُ بِاللِّعَانِ كَمَا لَهُ نَفْيُهُ بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ بِالطَّلَاقِ، أَوْ اُحْتُمِلَ كَوْنُهُ مِنْ الْمِلْكِ فَقَطْ فَلَا يَنْفِيهِ بِاللِّعَانِ؛ لِأَنَّهُ يُنْفَى عَنْهُ بِغَيْرِهِ كَمَا مَرَّ، وَكَذَا لَوْ اُحْتُمِلَ كَوْنُهُ مِنْهُمَا فَلَا يَنْفِيه بِاللِّعَانِ أَيْضًا لِإِمْكَانِ نَفْيِهِ بِدَعْوَى الِاسْتِبْرَاءِ، وَتَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لِلُحُوقِ الْوَلَدِ بِهِ بِوَطْئِهِ فِي الْمِلْكِ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ مِمَّا قَبْلَهُ، وَلَوْ قَالَ الزَّوْجُ بَعْدَ قَذْفِهِ لِزَوْجَتِهِ قَذَفْتُك فِي النِّكَاحِ فَلِي اللِّعَانُ فَقَالَتْ‏:‏ بَلْ قَبْلَهُ فَلَا لِعَانَ وَعَلَيْك الْحَدُّ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ الْقَاذِفُ فَهُوَ أَعْلَمُ بِوَقْتِ الْقَذْفِ وَلَوْ اخْتَلَفَا بَعْدَ الْفُرْقَةِ وَقَالَ‏:‏ قَذَفْتُك قَبْلَهَا فَقَالَتْ‏:‏ بَلْ بَعْدَهَا صُدِّقَ بِيَمِينِهِ أَيْضًا إلَّا أَنْ يَكُونَ أَصْلَ النِّكَاحِ فَتُصَدَّقَ يَمِينُهَا، وَلَوْ قَالَ‏:‏ قَذَفْتُك وَأَنْتِ صَغِيرَةٌ فَقَالَتْ‏:‏ بَلْ وَأَنَا بَالِغَةٌ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ إنْ اُحْتُمِلَ أَنَّهُ قَذَفَهَا وَهِيَ صَغِيرَةٌ، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُحْتَمَلْ كَأَنْ كَانَ ابْنَ عِشْرِينَ سَنَةً وَهِيَ بِنْتُ أَرْبَعِينَ، وَلَوْ قَالَ‏:‏ قَذَفْتُك وَأَنَا نَائِمٌ فَأَنْكَرَتْ نَوْمَهُ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ لِبُعْدِهِ، أَوْ وَأَنْتِ مَجْنُونَةٌ، أَوْ رَقِيقَةٌ، أَوْ كَافِرَةٌ وَادَّعَتْ خِلَافَ ذَلِكَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ إنْ عُهِدَ لَهَا ذَلِكَ مَا مَرَّ، وَإِلَّا فَهِيَ الْمُصَدَّقَةُ، أَوْ وَأَنَا صَبِيٌّ فَقَالَتْ‏:‏ بَلْ وَأَنْتَ بَالِغٌ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ إنْ اُحْتُمِلَ ذَلِكَ كَمَا مَرَّ، أَوْ وَأَنَا مَجْنُونٌ فَقَالَتْ‏:‏ بَلْ وَأَنْتَ عَاقِلٌ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ إنْ عُهِدَ لَهُ جُنُونٌ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ، وَلَيْسَ لِأَحَدٍ غَيْرِ صَاحِبِ الْفِرَاشِ اسْتِلْحَاقُ مَوْلُودٍ عَلَى فِرَاشٍ صَحِيحٍ، وَإِنْ نُفِيَ عَنْهُ بِاللِّعَانِ؛ لِأَنَّ حَقَّ الِاسْتِلْحَاقِ بَاقٍ لَهُ، فَإِنْ لَمْ يَصِحَّ الْفِرَاشُ كَوَلَدِ الْمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةٍ كَانَ لِكُلِّ أَحَدٍ أَنْ يَسْتَلْحِقَهُ لِأَنَّهُ لَوْ نَازَعَهُ فِيهِ قَبْلَ النَّفْيِ سُمِعَتْ دَعْوَاهُ، وَلَوْ نَفَى الذِّمِّيُّ وَلَدًا ثُمَّ أَسْلَمَ لَمْ يَتْبَعْهُ فِي الْإِسْلَامِ، فَلَوْ مَاتَ الْوَلَدُ وَقُسِمَ مِيرَاثُهُ بَيْنَ وَرَثَتِهِ الْكُفَّارِ، ثُمَّ اسْتَلْحَقَهُ لَحِقَهُ فِي نَسَبِهِ وَإِسْلَامِهِ وَوَرِثَهُ وَانْتَقَضَتْ الْقِسْمَةُ، وَلَوْ قَتَلَ الْمُلَاعِنُ مَنْ نَفَاهُ ثُمَّ اسْتَلْحَقَهُ لَحِقَهُ وَسَقَطَ عَنْهُ الْقِصَاصُ، وَالِاعْتِبَارُ فِي الْحَدِّ وَالتَّعْزِيرِ بِحَالَةِ الْقَذْفِ فَلَا يَتَغَيَّرَانِ بِحُدُوثِ عِتْقٍ أَوْ رِقٍّ أَوْ إسْلَامٍ فِي الْقَاذِفِ أَوْ الْمَقْذُوفِ

كِتَابُ الْعِدَدِ‏.‏

الشَّرْحُ‏:‏

كِتَابُ الْعِدَدِ جَمْعُ عِدَّةٍ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْعِدَدِ لِاشْتِمَالِهَا عَلَى الْعِدَدِ مِنْ الْأَقْرَاءِ أَوْ الْأَشْهُرِ غَالِبًا، وَهِيَ فِي الشَّرْعِ‏:‏ اسْمٌ لِمُدَّةٍ تَتَرَبَّصُ فِيهَا الْمَرْأَةُ لِمَعْرِفَةِ بَرَاءَةِ رَحِمِهَا أَوْ لِلتَّعَبُّدِ أَوْ لِتَفَجُّعِهَا عَلَى زَوْجِهَا كَمَا سَيَأْتِي وَالْأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ الْآيَاتُ وَالْأَخْبَارُ الْآتِيَةُ فِي الْبَابِ وَشُرِعَتْ صِيَانَةً لِلْأَنْسَابِ وَتَحْصِينًا لَهَا مِنْ الِاخْتِلَاطِ رِعَايَةً لِحَقِّ الزَّوْجَيْنِ وَالْوَلَدِ وَالنَّاكِحِ الثَّانِي، وَالْمُغَلَّبُ فِيهَا التَّعَبُّدُ بِدَلِيلِ أَنَّهَا لَا تَنْقَضِي بِقَرْءٍ وَاحِدٍ مَعَ حُصُولِ الْبَرَاءَةِ بِهِ ‏(‏عِدَّةُ النِّكَاحِ ضَرْبَانِ‏:‏ الْأَوَّلُ‏)‏ مِنْهُمَا ‏(‏مُتَعَلِّقٌ بِفُرْقَةِ حَيٍّ بِطَلَاقٍ أَوْ فَسْخٍ‏)‏ بِعَيْبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ لِعَانٍ‏:‏ لِقَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ‏}‏ وَالْفَسْخُ فِي مَعْنَى الطَّلَاقِ، وَخَرَجَ بِعِدَّةِ النِّكَاحِ الْمَزْنِيُّ بِهَا فَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا بِالِاتِّفَاقِ لَكِنْ يَرِدُ عَلَيْهِ وَطْءُ الشُّبْهَةِ، وَقَدْ يُقَالُ‏:‏ إنَّ الْمَفْهُومَ إذَا كَانَ فِيهِ تَفْصِيلٌ لَا يَرِدُ ‏(‏وَإِنَّمَا تَجِبُ‏)‏ الْعِدَّةُ إذَا حَصَلَتْ الْفُرْقَةُ الْمَذْكُورَةُ ‏(‏بَعْدَ وَطْءٍ‏)‏ فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ أَوْ فَاسِدٍ أَوْ فِي شُبْهَةٍ، سَوَاءٌ أَكَانَ الْوَطْءُ حَلَالًا أَمْ حَرَامًا كَوَطْءِ حَائِضٍ وَمُحَرَّمَةٍ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ فِي قُبُلٍ جَزْمًا أَوْ دُبُرٍ عَلَى الْأَصَحِّ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ عَاقِلًا أَمْ لَا، مُخْتَارًا أَمْ لَا، لَفَّ عَلَى ذَكَرِهِ خِرْقَةً أَمْ لَا بَالِغًا أَمْ لَا بِخِلَافِ فُرْقَةِ مَا قَبْلَ ذَلِكَ‏:‏ لِقَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ‏}‏ وَضَبَطَ الْمُتَوَلِّي الْوَطْءَ الْمُوجِبَ لِلْعِدَّةِ بِكُلِّ وَطْءٍ لَا يُوجِبُ الْحَدَّ عَلَى الْوَاطِئِ وَإِنْ أَوْجَبَهُ عَلَى الْمَوْطُوءَةِ كَمَا لَوْ زَنَى مُرَاهِقٌ بِبَالِغَةٍ أَوْ مَجْنُونٌ بِعَاقِلَةٍ أَوْ مُكْرَهٌ بِطَائِعَةٍ

المتن‏:‏

أَوْ اسْتِدْخَالِ مَنِيِّهِ، وَإِنْ تَيَقَّنَ بَرَاءَةَ الرَّحِمِ، لَا بِخَلْوَةٍ فِي الْجَدِيدِ، وَعِدَّةُ حُرَّةٍ ذَاتِ أَقْرَاءٍ ثَلَاثَةٌ

الشَّرْحُ‏:‏

تَنْبِيهٌ‏:‏

قَالَ الزَّرْكَشِيُّ يُشْتَرَطُ فِي وُجُوبِ الْعِدَّةِ مِنْ وَطْءِ الصَّبِيِّ تَهَيُّؤُهُ لِلْوَطْءِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْغَزَالِيُّ، وَكَذَا يُشْتَرَطُ فِي الصَّغِيرَةِ ذَلِكَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمُتَوَلِّي ا هـ‏.‏ وَهُوَ حَسَنٌ، وَتَعْتَدُّ بِوَطْءِ خَصِيٍّ لَا الْمُزَوَّجَةُ مِنْ مَقْطُوعِ الذَّكَرِ وَلَوْ دُونَ الْأُنْثَيَيْنِ لِعَدَمِ الدُّخُولِ لَكِنْ إنْ بَانَتْ حَامِلًا لَحِقَهُ الْوَلَدُ لِإِمْكَانِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ مَمْسُوحًا وَاعْتَدَّتْ بِوَضْعِهِ وَإِنْ نَفَاهُ، بِخِلَافِ الْمَمْسُوحِ لِأَنَّ الْوَلَدَ لَا يَلْحَقُهُ قَالَ الْبَغَوِيّ‏:‏ وَلَوْ اسْتَدْخَلَتْ الْمَرْأَةُ ذَكَرًا زَائِدًا وَجَبَتْ الْعِدَّةُ أَوْ أَشَلَّ فَلَا كَالْمُبَانِ ا هـ‏.‏ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي الْأُولَى إذَا كَانَ الزَّائِدُ عَلَى سُنَنِ الْأَصْلِيِّ وَإِلَّا فَلَا، وَلَيْسَ بِظَاهِرٍ فِي الثَّانِيَةِ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا ‏(‏أَوْ‏)‏ الْفُرْقَةُ بَعْدَ ‏(‏اسْتِدْخَالِ مَنِيِّهِ‏)‏ أَيْ الزَّوْجِ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الْعُلُوقِ مِنْ مُجَرَّدِ الْإِيلَاجِ، وَقَوْلُ الْأَطِبَّاءِ‏:‏ الْمَنِيُّ إذَا ضَرَبَهُ الْهَوَاءُ لَا يَنْعَقِدُ مِنْهُ الْوَلَدُ غَايَتُهُ ظَنٌّ، وَهُوَ لَا يُنَافِي الْإِمْكَانَ فَلَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ، وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْمَنِيُّ مُحْتَرَمًا حَالَ الْإِنْزَالِ وَحَالَ الْإِدْخَالِ، حَكَى الْمَاوَرْدِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ أَنَّ شَرْطَ وُجُوبِ الْعِدَّةِ بِالِاسْتِدْخَالِ أَنْ يُوجَدَ الْإِنْزَالُ وَالِاسْتِدْخَالُ مَعًا فِي الزَّوْجِيَّةِ، فَلَوْ أَنْزَلَ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فَاسْتَدْخَلَتْهُ أَوْ أَنْزَلَ وَهِيَ زَوْجَةٌ ثُمَّ أَبَانَهَا وَاسْتَدْخَلَتْهُ لَمْ تَجِبْ الْعِدَّةُ وَلَمْ يَلْحَقْهُ الْوَلَدُ ا هـ‏.‏ وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا غَيْرُ مُعْتَبَرٍ بَلْ الشَّرْطُ أَنْ لَا يَكُونَ مِنْ زِنًا كَمَا قَالُوا، أَمَّا مَاؤُهُ مِنْ الزِّنَا فَلَا عِبْرَةَ بِاسْتِدْخَالِهِ ‏(‏وَ‏)‏ تَجِبُ الْعِدَّةُ بِمَا ذُكِرَ، وَ ‏(‏إنْ تَيَقَّنَ بَرَاءَةَ الرَّحِمِ‏)‏ كَمَا فِي الصَّغِيرِ، وَلَوْ كَانَ التَّيَقُّنُ بِالتَّعْلِيقِ‏:‏ كَقَوْلِهِ‏:‏ مَتَى تَيَقَّنْتِ بَرَاءَةَ رَحِمِكِ مِنْ مَنِيٍّ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَوُجِدَتْ الصِّفَةُ لِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ مَعَ مَفْهُومِ الْآيَةِ السَّابِقَةِ، وَلِأَنَّ الْإِنْزَالَ الَّذِي يَحْصُلُ بِهِ الْعُلُوقُ لَمَّا كَانَ خَفِيًّا يَخْتَلِفُ بِالْأَشْخَاصِ وَالْأَحْوَالِ، وَلِعُسْرِ تَتَبُّعِهِ أَعْرَضَ الشَّارِعُ عَنْهُ، وَاكْتَفَى بِسَبَبِهِ وَهُوَ الْوَطْءُ أَوْ اسْتِدْخَالُ الْمَنِيِّ كَمَا اكْتَفَى فِي التَّرَخُّصِ بِالسَّفَرِ وَأَعْرَضَ عَنْ الْمَشَقَّةِ، وَ ‏(‏لَا‏)‏ تَجِبُ الْعِدَّةُ ‏(‏بِخَلْوَةٍ‏)‏ مُجَرَّدَةٍ عَنْ وَطْءٍ ‏(‏فِي الْجَدِيدِ‏)‏ لِمَفْهُومِ الْآيَةِ السَّابِقَةِ، وَالْقَدِيمُ‏:‏ تُقَامُ مَقَامَ الْوَطْءِ ‏(‏وَعِدَّةُ حُرَّةٍ ذَاتِ أَقْرَاءٍ‏)‏ بِأَنْ كَانَتْ تَحِيضُ ‏(‏ثَلَاثَةً‏)‏ مِنْ أَقْرَاءٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى ‏{‏وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ‏}‏ وَلَوْ ظَنَّهَا الْوَاطِئُ أَمَتَهُ أَوْ زَوْجَتَهُ الْأَمَةَ فَإِنَّهَا تَعْتَدُّ بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ؛ لِأَنَّ الظَّنَّ إنَّمَا يُؤَثِّرُ فِي الِاحْتِيَاطِ لَا فِي التَّخْفِيفِ، وَلَوْ طَرَأَ عَلَيْهَا الرِّقُّ لِالْتِحَاقِهَا بِدَارِ الْحَرْبِ وَاسْتِرْقَاقِهَا فَإِنَّهَا تَعْتَدُّ بِذَلِكَ فِي أَحَدِ وَجْهَيْنِ يَظْهَرُ تَرْجِيحُهُ وَالثَّانِي‏:‏ تَرْجِعُ إلَى عِدَّةِ أَمَةٍ

تَنْبِيهٌ‏:‏

شَمِلَ إطْلَاقُهُ مَا لَوْ شَرِبَتْ دَوَاءً حَتَّى حَاضَتْ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا تَسْقُطُ الصَّلَاةُ عَنْهَا

المتن‏:‏

وَالْقَرْءُ‏:‏ الطُّهْرُ

الشَّرْحُ‏:‏

‏(‏وَالْقَرْءُ‏)‏ ضَبَطَهُ الْمُصَنِّفُ بِالْفَتْحِ بِخَطِّهِ لِكَوْنِهِ اللُّغَةَ الْمَشْهُورَةَ، وَهُوَ لُغَةً مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الطُّهْرِ وَالْحَيْضِ، وَمِنْ إطْلَاقِهِ عَلَى الْحَيْضِ مَا فِي خَبَرِ النَّسَائِيّ وَغَيْرِهِ ‏{‏تَتْرُكُ الصَّلَاةَ أَيَّامَ أَقْرَائِهَا‏}‏ وَقِيلَ‏:‏ حَقِيقَةٌ فِي الْأَوَّلِ مَجَازٌ فِي الثَّانِي وَقِيلَ‏:‏ عَكْسُهُ، وَفِي الِاصْطِلَاحِ ‏(‏الطُّهْرُ‏)‏ كَمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَعَائِشَةَ وَغَيْرِهِمْ مِنْ الصَّحَابَةِ‏:‏ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ‏}‏ وَالطَّلَاقُ فِي الْحَيْضِ مُحَرَّمٌ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ فَيُصْرَفُ الْإِذْنُ إلَى زَمَنِ الطُّهْرِ، وَقَدْ قُرِئَ ‏"‏ فَطَلِّقُوهُنَّ لِقَبْلِ عِدَّتِهِنَّ ‏"‏ وَقَبْلَ الشَّيْءِ أَوَّلُهُ، وَلِأَنَّ الْقَرْءَ مُشْتَقٌّ مِنْ الْجَمْعِ، يُقَالُ‏:‏ قَرَأْت كَذَا فِي كَذَا إذَا جَمَعْته فِيهِ، وَإِذَا كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ كَانَ بِالطُّهْرِ أَحَقَّ مِنْ الْحَيْضِ؛ لِأَنَّ الطُّهْرَ اجْتِمَاعُ الدَّمِ فِي الرَّحِمِ، وَالْحَيْضَ خُرُوجُهُ مِنْهُ، وَمَا وَافَقَ الِاشْتِقَاقَ كَانَ اعْتِبَارُهُ أَوْلَى مِنْ مُخَالَفَتِهِ، وَيُجْمَعُ عَلَى أَقْرَاءٍ وَقُرُوءٍ وَأَقْرُؤٍ

المتن‏:‏

فَإِنْ طَلُقَتْ طَاهِرًا انْقَضَتْ بِالطَّعْنِ فِي حَيْضَةٍ ثَالِثَةٍ، أَوْ حَائِضًا فَفِي رَابِعَةٍ، وَفِي قَوْلٍ يُشْتَرَطُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ بَعْدَ الطَّعْنِ

الشَّرْحُ‏:‏

‏(‏فَإِنْ طَلُقَتْ طَاهِرًا‏)‏ وَبَقِيَ مِنْ زَمَنِ طُهْرِهَا شَيْءٌ ‏(‏انْقَضَتْ‏)‏ عِدَّتُهَا ‏(‏بِالطَّعْنِ فِي حَيْضَةٍ ثَالِثَةٍ‏)‏ لِأَنَّ بَعْضَ الطُّهْرِ وَإِنْ قَلَّ يَصْدُقُ عَلَيْهِ اسْمُ قَرْءٍ قَالَ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ‏}‏ وَهُوَ شَهْرَانِ وَبَعْضُ الثَّالِثِ، فَإِنْ لَمْ يَبْقَ مِنْ زَمَنِ الطُّهْرِ شَيْءٌ كَأَنْ قَالَ‏:‏ أَنْتِ طَالِقٌ آخِرَ طُهْرِكِ فَإِنَّمَا تَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِالطَّعْنِ فِي حَيْضَةٍ رَابِعَةٍ، كَمَا فِي قَوْلِهِ ‏(‏أَوْ‏)‏ طَلُقَتْ ‏(‏حَائِضًا فَفِي‏)‏ أَيْ فَتَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِالطَّعْنِ فِي حَيْضَةٍ ‏(‏رَابِعَةٍ‏)‏ وَمَا بَقِيَ مِنْ حَيْضِهَا لَا يُحْسَبُ قَرْءًا جَزْمًا لِأَنَّ الطُّهْرَ الْأَخِيرَ إنَّمَا يَتَبَيَّنُ كَمَالُهُ بِالشُّرُوعِ فِي الْحَيْضَةِ الَّتِي بَعْدَهُ وَهِيَ الرَّابِعَةُ ‏(‏وَفِي قَوْلٍ يُشْتَرَطُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ بَعْدَ الطَّعْنِ‏)‏ فِي الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ فِي الْأُولَى وَفِي الرَّابِعَةِ فِي الثَّانِيَةِ لِيُعْلَمَ أَنَّهُ حَيْضٌ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الْيَوْمَ وَاللَّيْلَةَ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ مِنْ نَفْسِ الْعِدَّةِ وَهُوَ وَجْهٌ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَتَبَيَّنُ بِذَلِكَ الِانْقِضَاءُ‏.‏ وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ دَمُ حَيْضٍ لِئَلَّا تَزِيدَ الْعِدَّةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ، فَإِنْ انْقَطَعَ دُونَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَلَمْ يَعُدْ قَبْلَ مُضِيِّ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا تَبَيَّنَ عَدَمُ انْقِضَائِهَا

المتن‏:‏

وَهَلْ يُحْسَبُ طُهْرُ مَنْ لَمْ تَحِضْ قَرْءًا‏؟‏ قَوْلَانِ، بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْقَرْءَ، انْتِقَالٌ مِنْ طُهْرٍ إلَى حَيْضٍ، أَمْ طُهْرٌ مُحْتَوَشٌ بِدَمَيْنِ، وَالثَّانِي أَظْهَرُ

الشَّرْحُ‏:‏

تَنْبِيهٌ‏:‏

ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ حُكْمَ الطَّلَاقِ فِي الطُّهْرِ وَالْحَيْضِ وَسَكَتَ عَنْ حُكْمِ النِّفَاسِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الرَّوْضَةِ فِي بَابِ الْحَيْضِ أَنَّهُ لَا يُحْسَبُ مِنْ الْعِدَّةِ، وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِهِ هُنَا أَيْضًا فِي الْحَالِ الثَّانِي فِي اجْتِمَاعِ عِدَّتَيْنِ ‏(‏وَهَلْ يُحْسَبُ طُهْرُ مَنْ‏)‏ طَلُقَتْ وَ ‏(‏لَمْ تَحِضْ‏)‏ أَصْلًا ثُمَّ حَاضَتْ فِي أَثْنَاءِ عِدَّتِهَا بِالْأَشْهُرِ ‏(‏قَرْءًا‏)‏ أَوْ لَا ‏(‏قَوْلَانِ بِنَاءً عَلَى‏)‏ مَا قَالَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَغَيْرُهُ مِنْ ‏(‏أَنَّ الْقَرْءَ‏:‏ انْتِقَالٌ مِنْ طُهْرٍ إلَى حَيْضٍ‏)‏ أَوْ نِفَاسٍ ‏(‏أَمْ‏)‏ هُوَ ‏(‏طُهْرٌ مُحْتَوَشٌ‏)‏ بِفَتْحِ الْوَاوِ بِخَطِّهِ أَيْ مُكْتَنَفٍ ‏(‏بِدَمَيْنِ‏)‏ أَيْ دَمَيْ حَيْضٍ أَوْ حَيْضٍ وَنِفَاسٍ أَوْ دَمَيْ نِفَاسٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمُتَوَلِّي إنْ قُلْنَا بِالْأَوَّلِ فَتُحْسَبُ وَتَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِالطَّعْنِ فِي حَيْضَةٍ رَابِعَةٍ ‏(‏وَالثَّانِي‏)‏ مِنْ الْبِنَاءَيْنِ ‏(‏أَظْهَرُ‏)‏ فَكَذَا الْمَبْنِيُّ عَلَيْهِ وَهُوَ عَدَمُ احْتِسَابِ مَا ذُكِرَ قَرْءًا

المتن‏:‏

وَعِدَّةُ مُسْتَحَاضَةٍ، بِأَقْرَائِهَا الْمَرْدُودَةِ إلَيْهَا وَمُتَحَيِّرَةٍ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ فِي الْحَالِ، وَقِيلَ بَعْدَ الْيَأْسِ

الشَّرْحُ‏:‏

تَنْبِيهٌ‏:‏

قَالَ الرَّافِعِيُّ‏:‏ وَلَيْسَ مُرَادُهُمْ بِقَوْلِهِمْ‏:‏ الْقَرْءُ هُوَ الطُّهْرُ الْمُحْتَوَشُ الطُّهْرَ بِتَمَامِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا خِلَافَ أَنَّ بَقِيَّةَ الطُّهْرِ تُحْسَبُ قَرْءًا، وَإِنَّمَا مُرَادُهُمْ هَلْ يُعْتَبَرُ مِنْ الطُّهْرِ الْمُحْتَوَشِ شَيْءٌ أَمْ يَكْفِي الِانْتِقَالُ‏؟‏ ‏(‏وَعِدَّةُ مُسْتَحَاضَةٍ‏)‏ غَيْرِ مُتَحَيِّرَةٍ ‏(‏بِأَقْرَائِهَا الْمَرْدُودَةِ‏)‏ هِيَ ‏(‏إلَيْهَا‏)‏ مِنْ الْعَادَةِ وَالتَّمْيِيزِ وَالْأَقَلِّ كَمَا عُرِفَ ذَلِكَ فِي بَابِ الْحَيْضِ ‏(‏وَ‏)‏ عِدَّةُ ‏(‏مُتَحَيِّرَةٍ‏)‏ لَمْ تَحْفَظْ قَدْرَ دَوْرِهَا وَلَوْ مُتَقَطِّعَةَ الدَّمِ مُبْتَدَأَةً كَانَتْ أَوْ غَيْرَهَا ‏(‏بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ فِي الْحَالِ‏)‏ لِاشْتِمَالِ كُلِّ شَهْرٍ عَلَى طُهْرٍ وَحَيْضٍ غَالِبًا وَلِعِظَمِ مَشَقَّةِ الِانْتِظَارِ إلَى سِنِّ الْيَأْسِ، وَيُخَالِفُ الِاحْتِيَاطَ فِي الْعِبَادَاتِ؛ لِأَنَّ الْمَشَقَّةَ فِيهَا لَا تَعْظُمُ، وَلِأَنَّهَا مُرْتَابَةٌ فَدَخَلَتْ فِي قَوْله تَعَالَى ‏{‏إنْ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ‏}‏ فَإِنْ بَقِيَ مِنْ الشَّهْرِ الَّذِي طَلُقَتْ فِيهِ أَكْثَرُ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا عُدَّ قَرْءًا لِاشْتِمَالِهَا عَلَى طُهْرٍ لَا مَحَالَةَ، وَتَعْتَدُّ بَعْدَهُ بِهِلَالَيْنِ، فَإِنْ بَقِيَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَأَقَلُّ لَمْ تُحْسَبْ تِلْكَ الْبَقِيَّةُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا حَيْضٌ فَتَبْتَدِئُ الْعِدَّةَ مِنْ الْهِلَالِ؛ لِأَنَّ الْأَشْهُرَ لَيْسَتْ مُتَأَصِّلَةً فِي حَقِّ الْمُتَحَيِّرَةِ، وَإِنَّمَا حُسِبَ كُلُّ شَهْرٍ فِي حَقِّهَا قَرْءًا لِاشْتِمَالِهِ عَلَى حَيْضٍ وَطُهْرٍ غَالِبًا كَمَا مَرَّ بِخِلَافِ مَنْ لَمْ تَحِضْ وَالْآيِسَةِ حَيْثُ يُكْمِلَانِ الْمُنْكَسِرَ كَمَا سَيَأْتِي، أَمَّا إذَا حَفِظَتْ الْأَدْوَارَ فَإِنَّهَا تَعْتَدُّ بِثَلَاثَةٍ مِنْهَا سَوَاءٌ أَكَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ أَمْ أَقَلَّ لِاشْتِمَالِهَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَطْهَارٍ، وَكَذَا لَوْ شَكَّتْ فِي قَدْرِ أَدْوَارِهَا وَلَكِنْ قَالَتْ‏:‏ أَعْلَمُ أَنَّهَا لَا تُجَاوِزُ سَنَةً مَثَلًا بِالْأَكْثَرِ وَتَجْعَلُ السَّنَةَ دَوْرَهَا، ذَكَرَهُ الدَّارِمِيُّ وَوَافَقَهُ الْمُصَنِّفُ فِي مَجْمُوعِهِ فِي بَابِ الْحَيْضِ ‏(‏وَقِيلَ‏)‏ تَعْتَدُّ الْمُتَحَيِّرَةُ بِمَا ذُكِرَ ‏(‏بَعْدَ الْيَأْسِ‏)‏ لِأَنَّهَا قَبْلَهُ مُتَوَقِّعَةٌ لِلْحَيْضِ الْمُسْتَقِيمِ، وَسَيَأْتِي وَقْتُ سَنِّهِ‏.‏

تَنْبِيهٌ‏:‏

مَحَلُّ الْخِلَافِ الْمَذْكُورِ فِي الْمُتَحَيِّرَةِ بِالنِّسْبَةِ لِتَحْرِيمِ نِكَاحِهَا

المتن‏:‏

وَأُمِّ وَلَدٍ وَمُكَاتَبَةٍ وَمَنْ فِيهَا رِقٌّ بِقُرْأَيْنِ، وَإِنْ عَتَقَتْ فِي عِدَّةِ رَجْعَةٍ كَمَّلَتْ عِدَّةَ حُرَّةٍ فِي الْأَظْهَرِ، أَوْ بَيْنُونَةٍ فَأَمَةٍ فِي الْأَظْهَرِ، وَحُرَّةٍ لَمْ تَحِضْ أَوْ يَئِسَتْ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ، فَإِنْ طَلُقَتْ فِي أَثْنَاءِ شَهْرٍ فَبَعْدَهُ هِلَالَانِ وَتُكَمِّلُ الْمُنْكَسِرَ ثَلَاثِينَ، فَإِنْ حَاضَتْ فِيهَا وَجَبَتْ الْأَقْرَاءُ، وَأَمَةٍ بِشَهْرٍ وَنِصْفٍ، وَفِي قَوْلٍ شَهْرَانِ، وَفِي قَوْلٍ ثَلَاثَةٌ، وَمَنْ انْقَطَعَ دَمُهَا لِعِلَّةٍ كَرَضَاعٍ وَمَرَضٍ تَصْبِرُ حَتَّى تَحِيضَ أَوْ تَيْأَسَ فَبِالْأَشْهُرِ، أَوْ لَا لِعِلَّةٍ فَكَذَا فِي الْجَدِيدِ، وَفِي الْقَدِيمِ تَتَرَبَّصُ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ، وَفِي قَوْلٍ أَرْبَعَ سِنِينَ ثُمَّ تَعْتَدُّ بِالْأَشْهُرِ، فَعَلَى الْجَدِيدِ لَوْ حَاضَتْ بَعْدَ الْيَأْسِ فِي الْأَشْهُرِ وَجَبَتْ الْأَقْرَاءُ، أَوْ بَعْدَهَا فَأَقْوَالٌ أَظْهَرُهَا إنْ نُكِحَتْ فَلَا شَيْءَ وَإِلَّا فَالْأَقْرَاءُ، وَالْمُعْتَبَرُ يَأْسُ عَشِيرَتِهَا، وَفِي قَوْلٍ‏:‏ كُلُّ النِّسَاءِ قُلْت‏:‏ ذَا الْقَوْلُ أَظْهَرُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

الشَّرْحُ‏:‏

أَمَّا الرَّجْعَةُ وَحَقُّ السُّكْنَى فَإِلَى ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ فَقَطْ قَطْعًا ‏(‏وَ‏)‏ عِدَّةُ غَيْرِ حُرَّةٍ مِنْ ‏(‏أُمِّ وَلَدٍ وَمُكَاتَبَةٍ‏)‏ وَمُدَبَّرَةٍ ‏(‏وَمَنْ فِيهَا رِقٌّ‏)‏ وَهِيَ ذَاتُ أَقْرَاءٍ ‏(‏بِقُرْأَيْنِ‏)‏ بِفَتْحِ الْقَافِ سَوَاءٌ أَطَلُقَتْ أَمْ وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ؛ لِأَنَّهَا عَلَى النِّصْفِ مِنْ الْحُرَّةِ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْأَحْكَامِ وَإِنَّمَا كَمَّلَتْ الْقَرْءَ الثَّانِيَ لِتَعَذُّرِ تَبْعِيضِهِ كَمَا فِي طَلَاقِ الْعَبْدِ، إذْ لَا يَظْهَرُ نِصْفُهُ إلَّا بِظُهُورِ كُلِّهِ، فَلَا بُدَّ مِنْ الِانْتِظَارِ إلَى أَنْ يَعُودَ الدَّمُ وَقَدْ عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ حُكْمُ كَامِلَةِ الرِّقِّ أَنَّهَا تَعْتَدُّ بِقُرْأَيْنِ مِنْ بَابٍ أَوْلَى، وَسَوَاءٌ أَطَلُقَتْ أَمْ وُطِئَتْ فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ أَمْ فِي شُبْهَةٍ، وَلَوْ وَطِئَ أَمَةً لِغَيْرِهِ ظَنَّهَا أَمَتَهُ اعْتَدَّتْ بِقَرْءٍ وَاحِدٍ؛ لِأَنَّهَا فِي نَفْسِهَا مَمْلُوكَةٌ، وَالشُّبْهَةُ شُبْهَةُ مِلْكِ الْيَمِينِ، وَإِنْ ظَنَّهَا زَوْجَتَهُ الْأَمَةَ اعْتَدَّتْ بِقُرْأَيْنِ اعْتِبَارًا بِاعْتِقَادِهِ، وَلِأَنَّ أَصْلَ الظَّنِّ يُؤَثِّرُ فِي أَصْلِ الْعِدَّةِ فَجَازَ أَنْ يُؤَثِّرَ خُصُوصُهُ فِي خُصُوصِهَا، وَإِنْ ظَنَّهَا زَوْجَتَهُ الْحُرَّةَ اعْتَدَّتْ بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ اعْتِبَارًا بِاعْتِقَادِهِ‏.‏

تَنْبِيهٌ‏:‏

سَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَنْ الْأَمَةِ الْمُسْتَحَاضَةِ، وَحُكْمُهَا إنْ كَانَتْ غَيْرَ مُتَحَيِّرَةٍ بِقُرْأَيْنِ مِنْ أَقْرَائِهَا الْمَرْدُودَةِ إلَيْهَا كَمَا مَرَّ فِي الْحُرَّةِ، وَإِنْ كَانَتْ مُتَحَيِّرَةً، فَإِنْ طَلُقَتْ أَوَّلَ الشَّهْرِ فَبِشَهْرَيْنِ، أَوْ وَقَدْ بَقِيَ أَكْثَرُهُ فَبِبَاقِيهِ وَالثَّانِي أَوْ دُونَ أَكْثَرِهِ فَبِشَهْرَيْنِ بَعْدَ تِلْكَ الْبَقِيَّةِ لِمَا مَرَّ فِي الْحُرَّةِ مِنْ أَنَّ الْأَشْهُرَ لَيْسَتْ مُتَأَصِّلَةً فِي حَقِّ الْمُتَحَيِّرَةِ ‏(‏وَإِنْ عَتَقَتْ‏)‏ أَمَةٌ ‏(‏فِي عِدَّةِ رَجْعَةٍ‏)‏ بِفَتْحِ الْعَيْنِ بِلَفْظِ الْمَصْدَرِ ‏(‏كَمَّلَتْ عِدَّةَ حُرَّةٍ فِي الْأَظْهَرِ‏)‏ الْجَدِيدِ؛ لِأَنَّ الرَّجْعِيَّةَ زَوْجَةٌ فِي أَكْثَرِ الْأَحْكَامِ فَكَأَنَّهَا عَتَقَتْ قَبْلَ الطَّلَاقِ وَالثَّانِي‏:‏ تُتِمُّ عِدَّةَ أَمَةٍ نَظَرًا لِوَقْتِ الْوُجُوبِ ‏(‏أَوْ‏)‏ عَتَقَتْ فِي عِدَّةِ ‏(‏بَيْنُونَةٍ فَأَمَةٍ‏)‏ أَيْ تُكَمِّلُ عِدَّةَ أَمَةٍ ‏(‏فِي الْأَظْهَرِ‏)‏ الْجَدِيدِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ؛ لِأَنَّ الْبَائِنَ كَالْأَجْنَبِيَّةِ لِقَطْعِ الْمِيرَاثِ وَسُقُوطِ النَّفَقَةِ فَإِنَّهَا عَتَقَتْ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَالثَّانِي‏:‏ تُتِمُّ عِدَّةَ حُرَّةٍ اعْتِبَارًا بِوُجُودِ الْعِدَّةِ الْكَامِلَةِ قَبْلَ تَمَامِ النَّاقِصَةِ، وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ فِي عِدَّةٍ عَمَّا لَوْ عَتَقَتْ مَعَ الطَّلَاقِ بِأَنْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا وَحُرِّيَّتَهَا عَلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ فَإِنَّهَا تَعْتَدُّ عِدَّةَ حُرَّةٍ قَطْعًا كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، وَبِقَوْلِهِ ‏"‏ رَجْعَةٍ ‏"‏ عَمَّا لَوْ عَتَقَتْ فِي عِدَّةِ وَفَاةٍ فَإِنَّهَا تُكَمِّلُ عِدَّةَ الْإِمَاءِ ‏(‏وَ‏)‏ عِدَّةُ ‏(‏حُرَّةٍ لَمْ تَحِضْ‏)‏ أَصْلًا لِصِغَرٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَإِنْ وَلَدَتْ وَرَأَتْ نِفَاسًا ‏(‏أَوْ يَئِسَتْ‏)‏ مِنْ الْحَيْضِ ‏(‏بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ‏)‏ بِالْأَهِلَّةِ إنْ انْطَبَقَ الطَّلَاقُ عَلَى أَوَّلِ الشَّهْرِ بِتَعْلِيقٍ أَوْ غَيْرِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى ‏{‏وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنْ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إنْ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاَللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ‏}‏ أَيْ فَعِدَّتُهُنَّ كَذَلِكَ فَحَذَفَ الْمُبْتَدَأَ وَالْخَبَرَ مِنْ الثَّانِي لِدَلَالَةِ الْأَوَّلِ عَلَيْهِ ‏(‏فَإِنْ‏)‏ لَمْ يَنْطَبِقْ عَلَى أَوَّلِ شَهْرٍ بِأَنْ ‏(‏طَلُقَتْ فِي أَثْنَاءِ شَهْرٍ‏)‏ وَلَوْ فِي أَثْنَاءِ أَوَّلِ يَوْمٍ أَوْ لَيْلَةٍ مِنْهُ ‏(‏فَبَعْدَهُ هِلَالَانِ وَتُكَمِّلُ الْمُنْكَسِرَ ثَلَاثِينَ‏)‏ يَوْمًا مِنْ شَهْرٍ رَابِعٍ، وَلَوْ نَقَصَ الْمُنْكَسِرُ عَنْ ثَلَاثِينَ، هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ وَعَنْ ابْنِ بِنْتِ الشَّافِعِيِّ أَنَّ جَمِيعَ الْأَشْهُرِ تَنْكَسِرُ وَتَعْتَدُّ بِتِسْعِينَ يَوْمًا كَمَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ ‏(‏فَإِنْ حَاضَتْ فِيهَا‏)‏ أَيْ أَثْنَاءَ الْأَشْهُرِ ‏(‏وَجَبَتْ الْأَقْرَاءُ‏)‏ بِالْإِجْمَاعِ لِقُدْرَتِهَا عَلَى الْأَصْلِ قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْ الْبَدَلِ كَالْمُتَيَمِّمِ يَجِدُ الْمَاءَ فِي أَثْنَاءِ تَيَمُّمِهِ، وَلَا يُحْسَبُ مَا مَضَى مِنْ الطُّهْرِ قَرْءًا كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ الْبِنَاءِ الْمَارِّ، وَصَرَّحَ بِتَصْحِيحِهِ الْمُصَنِّفُ فِي تَصْحِيحِ التَّنْبِيهِ أَمَّا إذَا حَاضَتْ بَعْدَ انْقِضَائِهَا فَإِنَّهُ لَا يُؤَثِّرُ؛ لِأَنَّ حَيْضَهَا حِينَئِذٍ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الْقَوْلِ بِأَنَّهَا عِنْدَ اعْتِدَادِهَا بِالْأَشْهُرِ مِنْ اللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ ‏(‏وَ‏)‏ عِدَّةُ ‏(‏أَمَةٍ‏)‏ وَمَنْ فِيهَا رِقٌّ وَلَوْ مُكَاتَبَةً لَمْ تَحِضْ أَوْ يَئِسَتْ ‏(‏بِشَهْرٍ وَنِصْفٍ‏)‏ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِيمَا يَنْقُصُ بِالرِّقِّ مِنْ الْأَعْدَادِ النَّصِيفُ وَالشَّهْرُ قَابِلٌ لَهُ بِخِلَافِ الْأَقْرَاءِ ‏(‏وَفِي قَوْلٍ‏)‏ عِدَّتُهَا ‏(‏شَهْرَانِ‏)‏ لِأَنَّهُمَا بَدَلٌ عَنْ الْقُرْأَيْنِ ‏(‏وَ‏)‏ فِي ‏(‏قَوْلٍ‏)‏ عِدَّتُهَا أَشْهُرٌ ‏(‏ثَلَاثَةٌ‏)‏ لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى‏:‏ ‏{‏فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ‏}‏ وَلِأَنَّ الْمَاءَ لَا يَظْهَرُ أَثَرُهُ فِي الرَّحِمِ إلَّا بَعْدَ هَذِهِ الْمُدَّةِ، إذْ الْوَلَدُ يُخْلَقُ فِي ثَمَانِينَ يَوْمًا ثُمَّ يَتَبَيَّنُ الْحَمْلُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَمَا يَتَعَلَّقُ بِالطَّبْعِ لَا يَخْتَلِفُ بِالرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ، وَلَوْ انْتَقَلَتْ الْأَمَةُ لِلْحَيْضِ فَكَانْتِقَالِ الْحُرَّةِ فِيمَا مَرَّ ‏(‏وَمَنْ انْقَطَعَ دَمُهَا‏)‏ أَيْ دَمُ حَيْضِهَا مِنْ حُرَّةٍ أَوْ غَيْرِهَا ‏(‏لِعِلَّةٍ‏)‏ تُعْرَفُ ‏(‏كَرَضَاعٍ وَمَرَضٍ تَصْبِرُ حَتَّى تَحِيضَ‏)‏ فَتَعْتَدَّ بِالْأَقْرَاءِ ‏(‏أَوْ تَيْأَسَ‏)‏ أَيْ تَصِلَ إلَى سِنِّ الْيَأْسِ، وَأَقْصَاهُ اثْنَانِ وَسِتُّونَ سَنَةً فَتَعْتَدُّ حِينَئِذٍ ‏(‏بِالْأَشْهُرِ‏)‏ وَلَا يُبَالِي بِطُولِ مُدَّةِ الِانْتِظَارِ لِمَا رَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ عُثْمَانَ أَنَّهُ حَكَمَ بِذَلِكَ فِي الْمُرْضِعِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ‏:‏ وَهُوَ كَالْإِجْمَاعِ مِنْ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ‏(‏أَوْ لَا‏)‏ بِأَنْ انْقَطَعَ دَمُهَا لَا ‏(‏لِعِلَّةٍ‏)‏ تُعْرَفُ ‏(‏فَكَذَا‏)‏ تَصْبِرُ حَتَّى تَحِيضَ فَتَعْتَدَّ بِالْأَقْرَاءِ أَوْ تَيْأَسَ بِالْأَشْهُرِ ‏(‏فِي الْجَدِيدِ‏)‏ كَمَا لَوْ انْقَطَعَ لِعِلَّةٍ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَجْعَلْ الِاعْتِدَادَ بِالْأَشْهُرِ إلَّا لِلَّتِي لَمْ تَحِضْ وَالْآيِسَةِ، وَهَذِهِ لَيْسَتْ وَاحِدَةً مِنْهُمَا؛ لِأَنَّهَا تَرْجُو عَوْدَ الدَّمِ فَأَشْبَهَتْ مَنْ انْقَطَعَ دَمُهَا لِعَارِضٍ مَعْرُوفٍ ‏(‏وَفِي الْقَدِيمِ تَتَرَبَّصُ‏)‏ غَالِبَ مُدَّةِ الْحَمْلِ ‏(‏تِسْعَةَ أَشْهُرٍ‏)‏ لِتَعْرِفَ فَرَاغَ الرَّحِمِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ، أَنَّ الْحَمْلَ لَا يَمْكُثُ فِي الْبَطْنِ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ‏:‏ وَقَدْ عَابَ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ عَلَى مَنْ خَالَفَهُ، وَقَالَ‏:‏ كَانَ يَقْضِي بِهِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرُ بَيْنَ الْمُجَاهِدِينَ وَالْأَنْصَارِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ وَلَمْ يُنْكَرْ عَلَيْهِ فَكَيْفَ تَجُوزُ مُخَالَفَتُهُ‏؟‏ ‏(‏وَفِي قَوْلٍ‏)‏ مِنْ الْقَدِيمِ‏:‏ تَتَرَبَّصُ أَكْثَرَ مُدَّةِ الْحَمْلِ ‏(‏أَرْبَعَ سِنِينَ‏)‏ لِتَعْلَمَ بَرَاءَةَ الرَّحِمِ بِيَقِينٍ، وَفِي قَوْلٍ مُخَرَّجٍ عَلَى الْقَدِيمِ‏:‏ إنَّهَا تَتَرَبَّصُ سِتَّةَ أَشْهُرٍ أَقَلَّ مُدَّةِ الْحَمْلِ وَحَاصِلُ الْقَدِيمِ أَنَّهَا تَتَرَبَّصُ مُدَّةَ الْحَمْلِ، لَكِنْ غَالِبَهُ أَوْ أَكْثَرَهُ أَوْ أَقَلَّهُ ‏(‏ثُمَّ تَعْتَدُّ بِالْأَشْهُرِ‏)‏ عَلَى كُلٍّ مِنْ أَقْوَالِ الْقَدِيمِ إذَا لَمْ يَظْهَرْ حَمْلٌ ‏(‏فَعَلَى الْجَدِيدِ‏)‏ وَهُوَ التَّرَبُّصُ لِسِنِّ الْيَأْسِ ‏(‏لَوْ حَاضَتْ بَعْدَ الْيَأْسِ فِي الْأَشْهُرِ وَجَبَتْ الْأَقْرَاءُ‏)‏ لِلْقُدْرَةِ عَلَى الْأَصْلِ قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْ الْبَدَلِ، وَيُحْسَبُ مَا مَضَى قَرْءًا قَطْعًا؛ لِأَنَّهُ طُهْرٌ مُحْتَوَشٌ بِدَمَيْنِ ‏(‏أَوْ بَعْدَهَا‏)‏ أَيْ الْأَشْهُرِ ‏(‏فَأَقْوَالٌ أَظْهَرُهَا إنْ نُكِحَتْ‏)‏ بِضَمِّ أَوَّلِهِ بِخَطِّهِ أَيْ مِنْ زَوْجٍ غَيْرِ صَاحِبِ الْعِدَّةِ ‏(‏فَلَا شَيْءَ‏)‏ يَجِبُ عَلَيْهَا مِنْ الْأَقْرَاءِ، وَصَحَّ النِّكَاحُ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الزَّوْجِ بِهَا وَلِلشُّرُوعِ فِي الْمَقْصُودِ كَالْمُتَيَمِّمِ يَرَى الْمَاءَ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي صَلَاةٍ يَسْقُطُ قَضَاؤُهَا بِالتَّيَمُّمِ ‏(‏وَإِلَّا‏)‏ بِأَنْ لَمْ تُنْكَحْ مِنْ غَيْرِهِ ‏(‏فَالْأَقْرَاءُ‏)‏ وَاجِبَةٌ فِي عِدَّتِهَا؛ لِأَنَّهُ بَانَ أَنَّهَا لَيْسَتْ آيِسَةً وَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِهَا حَقُّ زَوْجٍ آخَرَ وَالثَّانِي‏:‏ تَنْتَقِلُ إلَى الْأَقْرَاءِ مُطْلَقًا لِمَا ذُكِرَ وَالثَّالِثُ‏:‏ الْمَنْعُ مُطْلَقًا لِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ ظَاهِرًا، كَمَا لَوْ حَاضَتْ الصَّغِيرَةُ بَعْدَ الْأَشْهُرِ، وَمَا ذُكِرَ عَلَى الْجَدِيدِ بَعْدَ الْيَأْسِ يَأْتِي مِثْلُهُ عَلَى الْقَدِيمِ بَعْدَ التَّرَبُّصِ، غَيْرَ أَنَّ الْخِلَافَ فِيهِ وُجُوهٌ، وَلَوْ حَاضَتْ الْآيِسَةُ الْمُنْتَقِلَةُ إلَى الْحَيْضِ قَرْءًا أَوْ قُرْأَيْنِ ثُمَّ انْقَطَعَ حَيْضُهَا اسْتَأْنَفَتْ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ، بِخِلَافِ ذَاتِ أَقْرَاءٍ أَيِسَتْ قَبْلَ تَمَامِهَا فَإِنَّهَا لَا تَسْتَأْنِفُ كَمَا هُوَ الْمَنْقُولُ كَمَا سَيَأْتِي آخِرَ فَصْلٍ ‏"‏ لَزِمَهَا عِدَّتَا شَخْصٍ ‏"‏ خِلَافًا لِابْنِ الْمُقْرِي فِي التَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمَا فِي الِاسْتِئْنَافِ، وَعَلَيْهِ يُطْلَبُ الْفَرْقُ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْأُولَى لَمَّا كَانَ عِدَّتُهَا بِالْأَشْهُرِ ثُمَّ انْتَقَلَتْ إلَى الْأَقْرَاءِ وَلَمْ تُتِمَّ رَجَعَتْ إلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ وَهُوَ الْأَشْهُرُ فَكَانَتْ عِدَّتُهَا بِهَا فَلَا تُكَمِّلُ عَلَى الْأَقْرَاءِ، بِخِلَافِ الثَّانِيَةِ الْمُنْتَقِلَةِ مِنْ حَيْضٍ إلَى أَشْهُرٍ فَإِنَّهَا لَيْسَتْ كَذَلِكَ ‏(‏وَالْمُعْتَبَرُ‏)‏ فِي الْيَأْسِ عَلَى الْجَدِيدِ ‏(‏يَأْسُ عَشِيرَتِهَا‏)‏ أَيْ أَقَارِبِهَا مِنْ الْأَبَوَيْنِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ لِتَقَارُبِهِنَّ طَبْعًا وَخُلُقًا، وَيُعْتَبَرُ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ إلَيْهَا فَإِنْ قِيلَ‏:‏ إنَّمَا اعْتَبَرُوا فِي مَهْرِ الْمِثْلِ نِسَاءَ الْعَصَبَاتِ فَهَلَّا كَانَ هُنَا كَذَلِكَ‏؟‏‏.‏ أُجِيبَ بِأَنَّ زِيَادَةَ الْمَهْرِ وَنَقْصَهُ لِنَفَاسَةِ النَّسَبِ وَخَسَاسَتِهِ، وَهِيَ مُعْتَبَرَةٌ بِالْآبَاءِ وَالنَّسَبِ إلَيْهِمْ، فَكَذَلِكَ اُعْتُبِرَ بِالْعَصَبَاتِ وَهُنَا إنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِالطَّبْعِ وَالْجِبِلَّةِ فَاعْتُبِرَ الْجَانِبَانِ ‏(‏وَفِي قَوْلٍ‏)‏ يَأْسُ ‏(‏كُلِّ النِّسَاءِ‏)‏ لِلِاحْتِيَاطِ وَطَلَبًا لِلْيَقِينِ، وَذَلِكَ بِحَسَبِ مَا بَلَغَنَا خَبَرُهُ، لَا طَوْفِ نِسَاءِ الْعَالَمِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُمْكِنٍ ‏(‏قُلْت‏:‏ ذَا الْقَوْلُ أَظْهَرُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ‏)‏ وَعَلَيْهِ هَلْ الْمُرَادُ نِسَاءُ زَمَانِهَا أَوْ النِّسَاءُ مُطْلَقًا‏؟‏ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ‏:‏ إيرَادُ الْقَاضِي وَجَمَاعَةٍ يَقْتَضِي الْأَوَّلَ، وَكَلَامُ كَثِيرِينَ أَوْ الْأَكْثَرِينَ يَقْتَضِي الثَّانِيَ انْتَهَى، وَهَذَا الثَّانِي هُوَ الظَّاهِرُ، وَاخْتَلَفُوا فِي سِنِّ الْيَأْسِ سِتَّةَ أَقْوَالٍ أَشْهَرُهَا مَا تَقَدَّمَ، وَهُوَ اثْنَانِ وَسِتُّونَ سَنَةً، وَقِيلَ سِتُّونَ، وَقِيلَ خَمْسُونَ، وَقِيلَ سَبْعُونَ، وَقِيلَ خَمْسَةٌ وَثَمَانُونَ، وَقِيلَ تِسْعُونَ، وَقِيلَ‏:‏ غَيْرُ الْعَرَبِيَّةِ لَا تَحِيضُ بَعْدَ الْخَمْسِينَ، وَلَا تَحِيضُ بَعْدَ السِّتِّينَ إلَّا قُرَشِيَّةٌ، وَلَوْ رَأَتْ امْرَأَةٌ الدَّمَ بَعْدَ سِنِّ الْيَأْسِ صَارَ أَعْلَى الْيَأْسِ آخِرَ مَا رَأَتْهُ فِيهِ، وَيَعْتَبِرُ بَعْدَ ذَلِكَ بِهَا غَيْرُهَا فَإِنْ قِيلَ‏:‏ هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا قَالُوهُ فِي سِنِّ الْحَيْضِ مِنْ أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِرُؤْيَةِ دَمٍ قَبْلَهُ مَعَ أَنَّ كُلًّا ثَبَتَ بِالِاسْتِقْرَاءِ‏.‏ أُجِيبَ بِأَنَّ الِاسْتِقْرَاءَ فِي السِّنِّ اسْتِقْرَاءٌ تَامٌّ لِتَيَسُّرِهِ، وَلِهَذَا لَمْ يَقَعْ فِيهِ خِلَافٌ فَلَمْ يُعَوَّلْ عَلَى خِلَافِهِ، بِخِلَافِهِ هُنَا، وَلِهَذَا كَثُرَ الْخِلَافُ فِيهِ

فَصْلٌ‏:‏ ‏[‏فِي الْعِدَّةِ بِوَضْعِ الْحَمْلِ‏]‏

المتن‏:‏

عِدَّةُ الْحَامِلِ بِوَضْعِهِ بِشَرْطِ نِسْبَتِهِ إلَى ذِي الْعِدَّةِ وَلَوْ احْتِمَالًا كَمَنْفِيٍّ بِلِعَانٍ

الشَّرْحُ‏:‏

‏(‏فَصْلٌ‏)‏ فِي الْعِدَّةِ بِوَضْعِ الْحَمْلِ ‏(‏عِدَّةُ الْحَامِلِ‏)‏ مِنْ حُرَّةٍ وَأَمَةٍ عَنْ فِرَاقِ حَيٍّ أَوْ مَيِّتٍ بِطَلَاقٍ رَجْعِيٍّ أَوْ بَائِنٍ ‏(‏بِوَضْعِهِ‏)‏ أَيْ الْحَمْلِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ‏}‏ فَهُوَ مُخَصِّصٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ‏}‏، وَلِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ مِنْ الْعِدَّةِ بَرَاءَةُ الرَّحِمِ، وَهِيَ حَاصِلَةٌ بِالْوَضْعِ ‏(‏بِشَرْطِ‏)‏ إمْكَانِ ‏(‏نِسْبَتِهِ إلَى ذِي‏)‏ أَيْ صَاحِبِ ‏(‏الْعِدَّةِ‏)‏ زَوْجًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ ‏(‏وَلَوْ احْتِمَالًا كَمَنْفِيٍّ بِلِعَانٍ‏)‏ لِأَنَّهُ لَا يُنَافِي إمْكَانَ كَوْنِهِ مِنْهُ، وَلِهَذَا لَوْ اسْتَلْحَقَهُ لَحِقَهُ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ نِسْبَتُهُ إلَيْهِ لَمْ تَنْقَضِ بِوَضْعِهِ، كَمَا إذَا مَاتَ صَبِيٌّ لَا يُتَصَوَّرُ مِنْهُ الْإِنْزَالُ، أَوْ مَمْسُوحٌ عَنْ زَوْجَةٍ حَامِلٍ فَلَا تَعْتَدُّ بِوَضْعِ الْحَمْلِ، وَكَذَا كُلُّ مَنْ أَتَتْ زَوْجَتُهُ الْحَامِلُ بِوَلَدٍ لَا يُمْكِنُ كَوْنُهُ مِنْهُ كَأَنْ وَضَعَتْهُ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ النِّكَاحِ أَوْ لِأَكْثَرَ وَكَانَ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ مَسَافَةٌ لَا تُقْطَعُ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ، أَوْ لِفَوْقِ أَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ الْفُرْقَةِ لَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهُ بِوَضْعِهِ، لَكِنْ لَوْ ادَّعَتْ فِي الْأَخِيرَةِ أَنَّهُ رَاجَعَهَا، أَوْ جَدَّدَ نِكَاحَهَا، أَوْ وَطِئَهَا بِشُبْهَةٍ وَأَمْكَنَ، فَهُوَ إنْ انْتَفَى عَنْهُ تَنْقَضِي بِهِ عِدَّتُهُ

المتن‏:‏

وَانْفِصَالِ كُلِّهِ حَتَّى ثَانِي تَوْأَمَيْنِ وَمَتَى تَخَلَّلَ دُونَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَتَوْأَمَانِ وَتَنْقَضِي بِمَيِّتٍ

الشَّرْحُ‏:‏

تَنْبِيهٌ‏:‏

يَجُوزُ نِكَاحُ وَوَطْءُ الْحَامِلِ مِنْ زِنًا، إذْ لَا حُرْمَةَ لَهُ، وَالْحَمْلُ الْمَجْهُولُ قَالَ الرُّويَانِيُّ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ مِنْ زِنًا، وَقَالَ الْإِمَامُ عَلَى أَنَّهُ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ تَحْسِينًا لِلظَّنِّ، وَجُمِعَ بَيْنَ كَلَامَيْهِمَا بِحَمْلِ الْأَوَّلِ عَلَى أَنَّهُ كَالزِّنَا فِي أَنَّهُ لَا تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ، وَالثَّانِي عَلَى أَنَّهُ مِنْ شُبْهَةٍ تَجَنُّبًا عَنْ تَحَمُّلِ الْإِثْمِ، وَهُوَ جَمْعٌ حَسَنٌ ‏(‏وَ‏)‏ بِشَرْطِ ‏(‏انْفِصَالِ كُلِّهِ‏)‏ أَيْ الْحَمْلِ فَلَا أَثَرَ لِخُرُوجِ بَعْضِهِ مُتَّصِلًا أَوْ مُنْفَصِلًا فِي انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَلَا فِي غَيْرِهَا مِنْ سَائِرِ أَحْكَامِ الْجَنِينِ لِعَدَمِ تَمَامِ انْفِصَالِهِ وَلِظَاهِرِ الْآيَةِ، وَاسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ وُجُوبَ الْغُرَّةِ بِظُهُورِ شَيْءٍ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ تَحَقُّقُ وُجُودِهِ، وَوُجُوبُ الْقَوَدِ إذَا حَزَّ جَانٍ رَقَبَتَهُ وَهُوَ حَيٌّ، وَوُجُوبُ الدِّيَةِ بِالْجِنَايَةِ عَلَى أُمِّهِ إذَا مَاتَ بَعْدَ صِيَاحِهِ، وَقَدْ عُلِمَ بِذَلِكَ ضَعْفُ مَا قَالَهُ الدَّارِمِيُّ مِنْ أَنَّ أُمِّيَّةَ الْوَلَدِ تَثْبُتُ وَتَعْتِقُ بِمَوْتِ السَّيِّدِ بِانْفِصَالِ بَعْضِهِ فَإِنْ قِيلَ‏:‏ لَا حَاجَةَ إلَى هَذَا الشَّرْطِ لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ وَضَعْت إلَّا عِنْدَ انْفِصَالِ كُلِّهِ‏؟‏‏.‏ أُجِيبَ بِأَنَّ الْوَضْعَ يَصْدُقُ بِالْكُلِّ وَالْبَعْضِ، ثُمَّ غَيَّا الْمُصَنِّفُ انْفِصَالَ كُلِّ الْحَمْلِ بِقَوْلِهِ ‏(‏حَتَّى‏)‏ انْفِصَالِ ‏(‏ثَانِيَ تَوْأَمَيْنِ‏)‏ تَثْنِيَةُ تَوْأَمٍ، وَهُوَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ وَلَدَيْنِ مُجْتَمِعَيْنِ فِي حَمْلٍ وَاحِدٍ، فَلَا تَنْقَضِي بِوَضْعِ الْأَوَّلِ مِنْهُمَا، بَلْ لَهُ الرَّجْعَةُ بَعْدَهُ قَبْلَ وَضْعِ الْبَاقِي لِبَقَاءِ الْعِدَّةِ، ثُمَّ بَيْنَ الْمُدَّةِ الَّتِي لَا تَقْطَعُ الْوَلَدَ الثَّانِيَ عَنْ كَوْنِهِ تَوْأَمًا بِقَوْلِهِ ‏(‏وَمَتَى تَخَلَّلَ‏)‏ بَيْنَ وَضْعِهِمَا ‏(‏دُونَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَتَوْأَمَانِ‏)‏ أَيْ يُسَمَّيَانِ بِذَلِكَ، بِخِلَافِ مَا إذَا تَخَلَّلَ بَيْنَهُمَا سِتَّةُ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرُ، فَالثَّانِي حَمْلٌ آخَرُ فَإِنْ قِيلَ‏:‏ كَوْنُهُ حَمْلًا آخَرَ يَتَوَقَّفُ عَلَى وَطْءٍ بَعْدَ وَضْعِ الْأَوَّلِ، فَإِذَا وَضَعَتْ الثَّانِيَ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَضْعِ الْأَوَّلِ سَقَطَ مِنْهَا مَا يَسَعُ الْوَطْءَ فَيَكُونُ الْبَاقِي دُونَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ‏.‏ أُجِيبَ بِأَنَّهُ يُمْكِنُ تَصْوِيرُ ذَلِكَ بِاسْتِدْخَالِ الْمَنِيِّ حَالَ وَضْعِ الْأَوَّلِ، وَتَقْيِيدُهُمْ بِالْوَطْءِ فِي قَوْلِهِمْ‏:‏ تُعْتَبَرُ لَحْظَةٌ لِلْوَطْءِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ، وَالْمُرَادُ الْوَطْءُ أَوْ اسْتِدْخَالُ الْمَنِيِّ الَّذِي هُوَ أَوْلَى بِالْحُكْمِ هُنَا، بَلْ قَدْ يُقَالُ يُمْكِنُ الْوَطْءُ حَالَةَ الْوَضْعِ ‏(‏وَتَنْقَضِي‏)‏ الْعِدَّةُ ‏(‏بِمَيِّتٍ‏)‏ أَيْ بِوَضْعِ وَلَدٍ مَيِّتٍ كَالْحَيِّ لِإِطْلَاقِ الْآيَةِ

المتن‏:‏

لَا عَلَقَةٍ، وَبِمُضْغَةٍ فِيهَا صُورَةُ آدَمِيٍّ خَفِيَّةٌ أَخْبَرَ بِهَا الْقَوَابِلُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ صُورَةٌ وَقُلْنَ‏:‏ هِيَ أَصْلُ آدَمِيٍّ انْقَضَتْ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَلَوْ ظَهَرَ فِي عِدَّةِ أَقْرَاءٍ أَوْ أَشْهُرٍ حَمْلٌ لِلزَّوْجِ اعْتَدَّتْ بِوَضْعِهِ، وَلَوْ ارْتَابَتْ فِيهَا لَمْ تَنْكِحْ حَتَّى تَزُولَ الرِّيبَةُ، أَوْ بَعْدَهَا وَبَعْدَ نِكَاحٍ اسْتَمَرَّ إلَّا أَنْ تَلِدَ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ عَقْدِهِ

الشَّرْحُ‏:‏

فَائِدَةٌ‏:‏

وَقَعَ فِي الْإِفْتَاءِ أَنَّ الْوَلَدَ لَوْ مَاتَ فِي بَطْنِ الْمَرْأَةِ وَتَعَذَّرَ نُزُولُهُ هَلْ تَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِالْأَقْرَاءِ إذَا كَانَتْ مِنْ ذَوَاتِ الْأَقْرَاءِ أَوْ بِالْأَشْهُرِ إنْ لَمْ تَكُنْ أَوْ لَا تَنْقَضِي عِدَّتُهَا مَا دَامَ فِي بَطْنِهَا‏؟‏ اخْتَلَفَتْ الْعَصْرِيُّونَ فِي ذَلِكَ، وَالظَّاهِرُ الثَّالِثُ لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ‏}‏ ‏(‏لَا‏)‏ بِوَضْعِ ‏(‏عَلَقَةٍ‏)‏ وَهِيَ مَنِيٌّ يَسْتَحِيلُ فِي الرَّحِمِ فَيَصِيرُ دَمًا غَلِيظًا، فَلَا تَنْقَضِي الْعِدَّةُ بِهَا لِأَنَّهَا لَا تُسَمَّى حَمْلًا، وَإِنَّمَا هِيَ دَمٌ ‏(‏وَ‏)‏ تَنْقَضِي ‏(‏بِمُضْغَةٍ‏)‏ وَهِيَ الْعَلَقَةُ الْمُسْتَحِيلَةُ قِطْعَةَ لَحْمٍ قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ‏:‏ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا صَغِيرَةٌ كَقَدْرِ مَا يُمْضَغُ ‏(‏فِيهَا صُورَةُ آدَمِيٍّ خَفِيَّةٌ‏)‏ عَلَى غَيْرِ الْقَوَابِلِ ‏(‏أَخْبَرَ بِهَا الْقَوَابِلُ‏)‏ لِظُهُورِهَا عِنْدَهُنَّ كَمَا لَوْ كَانَتْ ظَاهِرَةً عِنْدَ غَيْرِهِنَّ أَيْضًا بِظُهُورِ يَدٍ أَوْ أُصْبُعٍ أَوْ ظُفُرٍ أَوْ غَيْرِهَا بِصَبِّ مَاءٍ حُلْوٍ أَوْ غَسْلِهِ فَظَهَرَتْ الصُّورَةُ‏.‏

تَنْبِيهٌ‏:‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَبِمُضْغَةٍ مَعْطُوفٌ عَلَى الْمُثْبَتِ كَمَا تَقَرَّرَ، لَا عَلَى الْمَنْفِيِّ، وَلِهَذَا أَعَادَ الْبَاءَ ‏(‏فَإِنْ لَمْ يَكُنْ‏)‏ فِي الْمُضْغَةِ ‏(‏صُورَةٌ‏)‏ لَا ظَاهِرَةٌ وَلَا خَفِيَّةٌ أَخْبَرَ بِهَا الْقَوَابِلُ ‏(‏وَ‏)‏ لَكِنْ ‏(‏قُلْنَ‏:‏ هِيَ أَصْلُ آدَمِيٍّ‏)‏ وَلَوْ بَقِيَتْ لَتُصُوِّرَتْ ‏(‏انْقَضَتْ‏)‏ أَيْ الْعِدَّةُ بِوَضْعِهَا ‏(‏عَلَى الْمَذْهَبِ‏)‏ الْمَنْصُوصِ لِحُصُولِ بَرَاءَةِ الرَّحِمِ بِذَلِكَ‏.‏

تَنْبِيهٌ‏:‏

هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تُسَمَّى مَسْأَلَةَ النُّصُوصِ، فَإِنَّهُ نَصَّ هُنَا عَلَى أَنَّ الْعِدَّةَ تَنْقَضِي بِهَا، وَعَلَى أَنَّهُ لَا تَجِبُ فِيهَا الْغُرَّةُ وَلَا يَثْبُتُ بِهَا الِاسْتِيلَادُ، فَقِيلَ‏:‏ قَوْلَانِ فِي الْجَمِيعِ، وَقِيلَ‏:‏ بِتَقَرُّرِ النَّصَّيْنِ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْعِدَّةَ تَتَعَلَّقُ بِبَرَاءَةِ الرَّحِمِ وَقَدْ حَصَلَتْ، وَالْأَصْلُ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ فِي الْغُرَّةِ، وَأُمُومِيَّةُ الْوَلَدِ إنَّمَا ثَبَتَتْ تَبَعًا لِلْوَلَدِ، وَهَذَا لَا يُسَمَّى وَلَدًا، وَلَوْ شَكَّتْ الْقَوَابِلُ فِي أَنَّهَا أَصْلُ آدَمِيٍّ لَمْ تَنْقَضِ بِوَضْعِهَا قَطْعًا، وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَرْأَةِ بِيَمِينِهَا فِي أَنَّهَا أَسْقَطَتْ مَا تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ، سَوَاءٌ أَكَذَّبَهَا الزَّوْجُ أَمْ لَا؛ لِأَنَّهَا مُؤْتَمَنَةٌ فِيهَا، وَلِأَنَّهَا تُصَدَّقُ فِي أَصْلِ السِّقْطِ فَكَذَا فِي صِفَتِهِ ‏(‏وَلَوْ ظَهَرَ فِي‏)‏ أَثْنَاءِ ‏(‏عِدَّةِ أَقْرَاءٍ أَوْ‏)‏ أَثْنَاءِ عِدَّةِ ‏(‏أَشْهُرٍ‏)‏ أَوْ بَعْدَهُمَا كَمَا قَالَهُ الصَّيْمَرِيُّ وَإِنْ أَفْهَمَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ خِلَافَهُ ‏(‏حَمْلٌ لِلزَّوْجِ‏)‏ مُتَعَلِّقٌ بِ ‏"‏ حَمْلٌ ‏"‏ لَا بِ ‏"‏ ظَهَرَ ‏"‏ ‏(‏اعْتَدَّتْ بِوَضْعِهِ‏)‏ وَلَغَا مَا مَضَى مِنْ أَقْرَاءٍ أَوْ أَشْهُرٍ؛ لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى الْبَرَاءَةِ قَطْعًا بِخِلَافِهِمَا ‏(‏وَلَوْ ارْتَابَتْ‏)‏ أَيْ شَكَّتْ ‏(‏فِيهَا‏)‏ أَيْ الْعِدَّةِ بِأَنْ لَمْ يَظْهَرْ لَهَا الْحَمْلُ بِأَمَارَاتٍ، وَإِنَّمَا ارْتَابَتْ مِنْهُ بِثِقَلٍ وَحَرَكَةٍ تَجِدُهُمَا ‏(‏لَمْ تَنْكِحْ‏)‏ آخَرَ بَعْدَ تَمَامِهَا ‏(‏حَتَّى تَزُولَ الرِّيبَةُ‏)‏ بِمُرُورِ زَمَنٍ مَثَلًا تَزْعُمُ النِّسَاءُ أَنَّهَا لَا تَلِدُ فِيهِ، لِأَنَّ الْعِدَّةَ قَدْ لَزِمَتْهَا بِيَقِينٍ فَلَا تَخْرُجُ عَنْهَا إلَّا بِيَقِينٍ كَمَا لَوْ شَكَّ هَلْ صَلَّى ثَلَاثًا أَوْ أَرْبَعًا، فَإِنْ نَكَحَتْ فَالنِّكَاحُ بَاطِلٌ كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُهُ، وَصَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ لِلتَّرَدُّدِ فِي انْقِضَائِهَا فَإِنْ قِيلَ‏:‏ الْمُرَادُ بِالْبُطْلَانِ الْبُطْلَانُ ظَاهِرًا، فَإِنْ بَانَ عَدَمُ الْحَمْلِ فَالْقِيَاسُ الصِّحَّةُ كَمَا لَوْ بَاعَ مَالَ أَبِيهِ ظَانًّا حَيَاتَهُ فَبَانَ مَيِّتًا‏.‏ أُجِيبَ بِالِاحْتِيَاطِ فِي الْأَبْضَاعِ، وَلِأَنَّ الشَّكَّ فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ يُبْطِلُ الْعَقْدَ كَمَا لَوْ تَزَوَّجَ خُنْثَى ثُمَّ اتَّضَحَ، بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ وَلِيًّا أَوْ شَاهِدًا كَمَا مَرَّ ‏(‏أَوْ‏)‏ ارْتَابَتْ ‏(‏بَعْدَهَا‏)‏ أَيْ الْعِدَّةِ ‏(‏وَبَعْدَ نِكَاحٍ‏)‏ لِآخَرَ ‏(‏اسْتَمَرَّ‏)‏ نِكَاحُهَا لِحُكْمِنَا بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ ظَاهِرًا وَتَعَلُّقِ حَقِّ الزَّوْجِ الثَّانِي ‏(‏إلَّا أَنْ تَلِدَ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ‏)‏ وَقْتِ ‏(‏عَقْدِهِ‏)‏ فَإِنَّهُ يُحْكَمُ بِبُطْلَانِهِ لِتَحَقُّقِ كَوْنِهَا حَامِلًا يَوْمَ الْعَقْدِ وَالْوَلَدُ لِلْأَوَّلِ إنْ أَمْكَنَ كَوْنُهُ مِنْهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ وَلَدَتْهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ فَالْوَلَدُ لِلثَّانِي، وَإِنْ أَمْكَنَ كَوْنُهُ مِنْ الْأَوَّلِ لِأَنَّ الْفِرَاشَ لِلثَّانِي نَاجِزٌ فَهُوَ أَقْوَى، وَلِأَنَّ النِّكَاحَ الثَّانِيَ قَدْ صَحَّ ظَاهِرًا، فَلَوْ أَلْحَقْنَا الْوَلَدَ بِالْأَوَّلِ لَبَطَلَ النِّكَاحُ لِوُقُوعِهِ فِي الْعِدَّةِ، وَلَا سَبِيلَ إلَى إبْطَالِهِ بِالِاحْتِمَالِ

المتن‏:‏

أَوْ بَعْدَهَا قَبْلَ نِكَاحٍ فَلْتَصْبِرْ لِتَزُولَ الرِّيبَةُ، فَإِنْ نَكَحَتْ فَالْمَذْهَبُ عَدَمُ إبْطَالِهِ فِي الْحَالِ، فَإِنْ عُلِمَ مُقْتَضِيه أَبْطَلْنَاهُ، وَلَوْ أَبَانَهَا فَوَلَدَتْ لِأَرْبَعِ سِنِينَ لَحِقَهُ، أَوْ لِأَكْثَرَ فَلَا‏.‏

الشَّرْحُ‏:‏

تَنْبِيهٌ‏:‏

وَطْءُ الشُّبْهَةِ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ كَالنِّكَاحِ الثَّانِي، فَلَوْ أَتَتْ بِوَلَدٍ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الْوَطْءِ لَحِقَ بِالْوَاطِئِ لِانْقِطَاعِ النِّكَاحِ وَالْعِدَّةِ عَنْهُ ظَاهِرًا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا ‏(‏أَوْ‏)‏ ارْتَابَتْ ‏(‏بَعْدَهَا‏)‏ أَيْ الْعِدَّةِ ‏(‏قَبْلَ نِكَاحٍ‏)‏ بِآخَرَ ‏(‏فَلْتَصْبِرْ‏)‏ عَنْ النِّكَاحِ ‏(‏لِتَزُولَ الرِّيبَةُ‏)‏ لِلِاحْتِيَاطِ وَفِي الْخَبَرِ‏:‏ ‏{‏دَعْ مَا يَرِيبُكَ إلَى مَا لَا يَرِيبُكَ‏}‏‏.‏

تَنْبِيهٌ‏:‏

ظَاهِرُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ أَنَّ الصَّبْرَ وَاجِبٌ، وَبِهِ صَرَّحَ الْجُوَيْنِيُّ فِي السِّلْسِلَةِ، وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحَيْنِ وَالرَّوْضَةِ، فَالْأُولَى وَهِيَ عِبَارَةُ الْجُمْهُورِ، فَكَانَ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يُعَبِّرَ بِهَا، وَفِي التَّنْبِيهِ فِي بَابِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النِّكَاحِ وَيُكْرَهُ نِكَاحُ الْمُرْتَابَةِ ‏(‏فَإِنْ نَكَحَتْ‏)‏ آخَرَ قَبْلَ زَوَالِهَا ‏(‏فَالْمَذْهَبُ‏)‏ الْمَنْصُوصُ ‏(‏عَدَمُ إبْطَالِهِ‏)‏ أَيْ النِّكَاحِ ‏(‏فِي الْحَالِ‏)‏ لِأَنَّا حَكَمْنَا بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ ظَاهِرًا فَلَا نُبْطِلُهُ بِالشَّكِّ، بَلْ يُوقَفُ ‏(‏فَإِنْ عُلِمَ مُقْتَضِيهِ‏)‏ أَيْ الْبُطْلَانِ بِأَنْ وَلَدَتْ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ النِّكَاحِ ‏(‏أَبْطَلْنَاهُ‏)‏ أَيْ حَكَمْنَا بِبُطْلَانِهِ لِتَبَيُّنِ فَسَادِهِ، وَلَيْسَ هَذَا كَوَقْفِ الْعَقْدِ فِي الْقَدِيمِ فَإِنَّ ذَاكَ وَقْفٌ فِي نَفْسِ الْعَقْدِ، وَهَهُنَا الْعَقْدُ صَحِيحٌ غَيْرَ أَنَّهُ يَرْتَفِعُ لِمَعْنًى يَظْهَرُ فِي ثَانِي الْحَالِ، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي فِي إبْطَالِهِ قَوْلَانِ لِلتَّرَدُّدِ فِي انْتِفَاءِ الْمَانِعِ فِي الْحَالِ، وَإِنْ عُلِمَ انْتِفَاؤُهُ، لَمْ نُبْطِلْهُ، وَلَحِقَ الْوَلَدُ بِالثَّانِي‏.‏

تَنْبِيهٌ‏:‏

هَذَا لَا يَخْتَصُّ بِالنِّكَاحِ، بَلْ لَوْ رَاجَعَهَا الزَّوْجُ قَبْلَ زَوَالِ الرِّيبَةِ وُقِفَتْ الرَّجْعَةُ، فَإِنْ بَانَ حَمْلٌ بَقِيَتْ الرَّجْعَةُ وَإِلَّا بَطَلَتْ نُصَّ عَلَيْهِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ‏:‏ لَا يَخْتَلِفُ الْمَذْهَبُ فِيهِ، وَإِنْ جَرَى فِي النِّكَاحِ قَوْلَانِ ‏(‏وَلَوْ أَبَانَهَا‏)‏ بِخُلْعٍ أَوْ غَيْرِهِ وَلَمْ يَنْفِ حَمْلَهَا ثُمَّ اعْتَدَّتْ ‏(‏فَوَلَدَتْ لِأَرْبَعِ سِنِينَ‏)‏ فَأَقَلَّ مِنْ وَقْتِ إمْكَانِ الْعُلُوقِ قُبَيْلَ الْإِبَانَةِ وَلَمْ تَتَزَوَّجْ بِغَيْرِهِ ‏(‏لَحِقَهُ‏)‏ الْوَلَدُ وَإِنْ أَقَرَّتْ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ أَكْثَرَ مُدَّةِ الْحَمْلِ أَرْبَعُ سِنِينَ، دَلِيلُهُ الِاسْتِقْرَاءُ، وَحُكِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ‏:‏ جَارَتُنَا امْرَأَةُ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ امْرَأَةُ صِدْقٍ وَزَوْجُهَا رَجُلُ صِدْقٍ حَمَلَتْ ثَلَاثَةَ أَبْطُنٍ فِي اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً تَحْمِلُ كُلَّ بَطْنٍ أَرْبَعَ سِنِينَ، وَقَدْ رُوِيَ هَذَا عَنْ غَيْرِ الْمَرْأَةِ الْمَذْكُورَةِ وَقِيلَ‏:‏ إنَّ أَبَا حَنِيفَةَ حَمَلَتْ بِهِ أُمُّهُ ثَلَاثَ سِنِينَ، وَفِي صِحَّتِهِ كَمَا قَالَ ابْنُ شُهْبَةَ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ مَذْهَبَهُ أَكْثَرُ مُدَّةِ الْحَمْلِ سَنَتَانِ فَكَيْفَ يُخَالِفُ مَا وَقَعَ فِي نَفْسِهِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ‏:‏ وَهَذَا مُشْكِلٌ مَعَ كَثْرَةِ الْفَسَادِ فِي هَذَا الزَّمَانِ أَمَّا لَوْ تَزَوَّجَتْ بِغَيْرِ صَاحِبِ الْعِدَّةِ وَاحْتُمِلَ كَوْنُ الْوَلَدِ مِنْهُ فَإِنَّهُ لَا يَلْحَقُ الْأَوَّلَ كَمَا سَيَأْتِي ‏(‏أَوْ‏)‏ وَلَدَتْ ‏(‏لِأَكْثَرَ‏)‏ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ ‏(‏فَلَا‏)‏ يَلْحَقُهُ الْوَلَدُ لِعَدَمِ الْإِمْكَانِ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تَقَدَّمَتْ فِي بَابِ اللِّعَانِ‏.‏

تَنْبِيهٌ‏:‏

مَا تَقَرَّرَ مِنْ اعْتِبَارِ الْمُدَّةِ فِي هَذِهِ مِنْ وَقْتِ إمْكَانِ الْعُلُوقِ قُبَيْلَ الْإِبَانَةِ، لَا مِنْ الْإِبَانَةِ الَّتِي عَبَّرَ بِهَا أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ هُوَ مَا اعْتَمَدَهُ الشَّيْخَانِ حَيْثُ قَالَا‏:‏ فِيمَا أَطْلَقُوهُ تَسَاهُلٌ، وَالْقَوِيمُ مَا قَالَهُ أَبُو مَنْصُورٍ التَّمِيمِيُّ مُعْتَرِضًا عَلَيْهِمْ بِأَنَّا لَوْ اعْتَبَرْنَا الْمُدَّةَ مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ لَزِمَ أَنْ تَكُونَ مُدَّةُ الْحَمْلِ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ لِتَقَدُّمِ الْعُلُوقِ عَلَى الطَّلَاقِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ مِنْ وَقْتِ إمْكَانِ الْعُلُوقِ قُبَيْلَ الْإِبَانَةِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ‏:‏ وَمَا قَالَهُ أَبُو مَنْصُورٍ فِيهِ تَسَاهُلٌ أَيْضًا، فَإِنَّ الطَّلَاقَ قَدْ يَقَعُ مَعَ الْإِنْزَالِ بِالتَّنْجِيزِ اتِّفَاقًا أَوْ بِالتَّعْلِيقِ، فِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَصِحُّ مَا قَالُوهُ دُونَ مَا ذَكَرُوهُ، فَظَهَرَ حِينَئِذٍ أَنَّ لِمَا قَالُوهُ مَحْمَلًا صَحِيحًا وَكَذَا لِمَا قَالَهُ، وَهُوَ مَا عَدَا مَا فَرَضْنَاهُ فَلْيُنَزَّلْ كُلٌّ مِنْ الْعِبَارَتَيْنِ الْمُطْلَقَتَيْنِ عَلَى مَا يَقْتَضِي صِحَّتَهُ‏.‏ وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ مُرَادَهُمَا بِأَنَّهُ قَوِيمٌ أَيْ أَوْضَحُ مِمَّا قَالُوهُ، وَإِلَّا فَمَا قَالُوهُ صَحِيحٌ أَيْضًا بِأَنْ يُقَالَ‏:‏ لَيْسَ مُرَادُهُمْ بِالْأَرْبَعِ فِيهَا الْأَرْبَعَ مَعَ زَمَنِ وَطْءِ الْوَضْعِ الَّتِي هِيَ مُرَادُهُمْ بِأَنَّهَا أَكْثَرُ مُدَّةِ الْحَمْلِ، بَلْ مُرَادُهُمْ الْأَرْبَعُ بِدُونِ ذَلِكَ فَلَا يَلْزَمُ الزِّيَادَةُ الْمَذْكُورَةُ، وَبِهَذَا يُجَابُ عَمَّا يُورَدُ مِنْ ذَلِكَ عَلَى نَظِيرِهَا فِي الْوَصِيَّةِ وَالطَّلَاقِ ا هـ وَكُلٌّ مِنْ الْجَوَابَيْنِ حَسَنٌ

المتن‏:‏

وَلَوْ طَلَّقَ رَجْعِيًّا حُسِبَتْ الْمُدَّةُ مِنْ الطَّلَاقِ، وَفِي قَوْلٍ مِنْ انْصِرَامِ الْعِدَّةِ

الشَّرْحُ‏:‏

‏(‏وَلَوْ طَلَّقَ‏)‏ زَوْجَتَهُ ‏(‏رَجْعِيًّا‏)‏ فَوَلَدَتْ لِأَرْبَعِ سِنِينَ أَوْ أَكْثَرَ فَالْحُكْمُ كَمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهَا إنْ وَلَدَتْ لِأَرْبَعِ سِنِينَ فَأَقَلَّ لَحِقَهُ، أَوْ لِأَكْثَرَ فَلَا كَالْبَائِنِ، وَإِنَّمَا تُخَالِفُ الْبَائِنَ فِيمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ وَ ‏(‏حُسِبَتْ الْمُدَّةُ‏)‏ وَهِيَ السِّنِينَ الْأَرْبَعُ ‏(‏مِنْ الطَّلَاقِ‏)‏ لِأَنَّ الرَّجْعَةَ كَالْبَائِنِ فِي تَحْرِيمِ الْوَطْءِ فَكَذَا فِي أَمْرِ الْوَلَدِ الَّذِي هُوَ نَتِيجَتُهُ ‏(‏وَ‏)‏ حُسِبَتْ ‏(‏فِي قَوْلٍ مِنْ انْصِرَامِ‏)‏ أَيْ فَرَاغِ ‏(‏الْعِدَّةِ‏)‏ لِأَنَّ الرَّجْعِيَّةَ كَالْمَنْكُوحَةِ فِي مُعْظَمِ الْأَحْكَامِ مِنْ لُحُوقِ الطَّلَاقِ وَالْإِيلَاءِ وَالظِّهَارِ وَالْإِرْثِ فَكَذَا فِي لُحُوقِ الْوَلَدِ‏.‏

تَنْبِيهٌ‏:‏

عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ بِدُونِ مَا تَقَرَّرَ بَعِيدَةٌ عَنْ الْمُرَادِ، وَمُرَادُهُ مَا ذَكَرْنَاهُ وَحَيْثُ حُكِمَ بِلُحُوقِ الْوَلَدِ فَالْمَرْأَةُ مُعْتَدَّةٌ إلَى الْوَضْعِ حَتَّى يَثْبُتَ لِلزَّوْجِ رَجْعَتُهَا إنْ كَانَتْ رَجْعِيَّةً، وَعَلَيْهِ لَهَا السُّكْنَى وَالنَّفَقَةُ

المتن‏:‏

وَلَوْ نَكَحَتْ بَعْدَ الْعِدَّةِ فَوَلَدَتْ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَكَأَنَّهَا لَمْ تَنْكِحْ، وَإِنْ كَانَ لِسِتَّةٍ فَالْوَلَدُ لِلثَّانِي وَلَوْ نَكَحَتْ فِي الْعِدَّةِ فَاسِدًا فَوَلَدَتْ لِلْإِمْكَانِ مِنْ الْأَوَّلِ لَحِقَهُ وَانْقَضَتْ بِوَضْعِهِ ثُمَّ تَعْتَدُّ لِلثَّانِي

الشَّرْحُ‏:‏

‏(‏وَلَوْ نَكَحَتْ‏)‏ زَوْجًا آخَرَ ‏(‏بَعْدَ‏)‏ انْقِضَاءِ ‏(‏الْعِدَّةِ‏)‏ نِكَاحًا صَحِيحًا ‏(‏فَوَلَدَتْ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ‏)‏ مِنْ النِّكَاحِ الثَّانِي ‏(‏فَكَأَنَّهَا لَمْ تَنْكِحْ‏)‏ أَصْلًا، وَحُكْمُ هَذَا الْوَلَدِ كَمَا تَقَدَّمَ إنْ وَضَعَتْهُ لِأَرْبَعِ سِنِينَ فَأَقَلَّ كَمَا مَرَّ لَحِقَ الْأَوَّلَ، أَوْ لِأَكْثَرَ لَمْ يَلْحَقْهُ، وَحَيْثُ لَحِقَهُ فَنِكَاحُ الثَّانِي بَاطِلٌ لِجَرَيَانِهِ فِي الْعِدَّةِ، وَإِذَا لَمْ يَلْحَقْهُ كَأَنْ كَانَ مَنْفِيًّا عَنْهُمَا وَقَدْ بَانَ أَنَّ الثَّانِيَ نَكَحَهَا حَامِلًا فَهَلْ يُحْكَمُ بِفَسَادِ نِكَاحِهِ حَمْلًا عَلَى أَنَّهُ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ مِنْ غَيْرِهِ، أَوْ لَا حَمْلًا عَلَى أَنَّهُ مِنْ زِنًا أَوْ أَنَّ الشُّبْهَةَ مِنْهُ‏؟‏ وَقَدْ جَرَى النِّكَاحُ فِي الظَّاهِرِ عَلَى الصِّحَّةِ، الْأَقْرَبُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الثَّانِي، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمَطْلَبِ، وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ كَلَامِ الرُّويَانِيِّ كَمَا ذَكَرْنَاهُ فِي الْحَمْلِ الْمَجْهُولِ بَلْ هُوَ حَمْلٌ مَجْهُولٌ فَيَأْتِي فِيهِ الْجَمْعُ الْمُتَقَدِّمُ فِيهِ ‏(‏وَإِنْ كَانَ‏)‏ وَضْعُهُ ‏(‏لِسِتَّةٍ‏)‏ مِنْ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ مِنْهَا ‏(‏فَالْوَلَدُ‏)‏ وَإِنْ أَمْكَنَ كَوْنُهُ مِنْ الْأَوَّلِ مَنْسُوبٌ ‏(‏لِلثَّانِي‏)‏ فَيَلْحَقُهُ لِأَنَّ فِرَاشَهُ مَوْجُودٌ، وَهُوَ أَقْوَى لِصِحَّةِ نِكَاحِهِ ظَاهِرًا، وَلَوْ قُلْنَا‏:‏ إنَّهُ لِلْأَوَّلِ لَأَبْطَلْنَا مَا صَحَّ بِالِاحْتِمَالِ ‏(‏وَلَوْ نَكَحَتْ‏)‏ أَيْ الثَّانِيَ ‏(‏فِي الْعِدَّةِ‏)‏ الَّتِي لِلْأَوَّلِ ‏(‏فَاسِدًا‏)‏ بِأَنْ ظَنَّ انْقِضَاءَ الْعِدَّةِ أَوْ أَنَّ الْمُعْتَدَّةَ لَا يَحْرُمُ نِكَاحُهَا بِأَنْ كَانَ قَرِيبَ الْعَهْدِ بِالْإِسْلَامِ أَوْ نَشَأَ بَعِيدًا عَنْ الْعُلَمَاءِ وَوَطِئَهَا ‏(‏فَوَلَدَتْ‏)‏ بَعْدَ ذَلِكَ ‏(‏لِلْإِمْكَانِ مِنْ الْأَوَّلِ‏)‏ دُونَ الثَّانِي بِأَنْ وَلَدَتْهُ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الْوَطْءِ الثَّانِي وَلِأَرْبَعِ سِنِينَ فَأَقَلَّ مِمَّا مَرَّ ‏(‏لَحِقَهُ‏)‏ أَيْ لَحِقَ الْوَلَدُ الزَّوْجَ الْأَوَّلَ ‏(‏وَانْقَضَتْ‏)‏ عِدَّتُهُ ‏(‏بِوَضْعِهِ ثُمَّ تَعْتَدُّ‏)‏ ثَانِيًا ‏(‏لِلثَّانِي‏)‏ لِأَنَّ وَطْأَهُ وَطْءُ شُبْهَةٍ، أَمَّا إذَا عَلِمَ بِفَسَادِهَا وَلَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَهُوَ زَانٍ

المتن‏:‏

أَوْ بَلْ إمْكَانٌ مِنْ الثَّانِي لَحِقَهُ أَوْ مِنْهُمَا عُرِضَ عَلَى قَائِفٍ، فَإِنْ أَلْحَقَهُ بِأَحَدِهِمَا فَكَالْإِمْكَانِ مِنْهُ فَقَطْ

الشَّرْحُ‏:‏

تَنْبِيهٌ‏:‏

لَوْ قَالَ كَالْمُحَرَّرِ‏:‏ وَلَوْ نَكَحَتْ فَاسِدًا كَأَنْ نَكَحَتْ فِي الْعِدَّةِ لَكَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ فِي الْعِدَّةِ لَا يَكُونُ إلَّا فَاسِدًا، وَقَدْ يَحْتَرِزُ بِذَلِكَ عَنْ أَنْكِحَةِ الْكُفَّارِ فَإِنَّهُمْ إذَا اعْتَقَدُوا ذَلِكَ صَحِيحًا كَانَ مَحْكُومًا بِصِحَّتِهِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ ‏(‏أَوْ‏)‏ وَلَدَتْ الْمَنْكُوحَةُ فِي الْعِدَّةِ ‏(‏لِلْإِمْكَانِ مِنْ‏)‏ الزَّوْجِ ‏(‏الثَّانِي‏)‏ دُونَ الْأَوَّلِ بِأَنْ وَلَدَتْهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ مِنْ الْوَطْءِ الثَّانِي وَلِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ إمْكَانِ الْعُلُوقِ قُبَيْلَ الْفِرَاقِ ‏(‏لَحِقَهُ‏)‏ أَيْ الثَّانِي لِمَا مَرَّ‏.‏

تَنْبِيهٌ‏:‏

هَذَا إذَا كَانَ طَلَاقُ الْأَوَّلِ بَائِنًا، فَإِنْ كَانَ رَجْعِيًّا فَقَوْلَانِ فِي الشَّرْحَيْنِ وَالرَّوْضَةِ بِلَا تَرْجِيحٍ‏:‏ أَحَدُهُمَا‏:‏ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَذَلِكَ، وَالثَّانِي يُعْرَضُ عَلَى الْقَائِفِ؛ لِأَنَّ زَمَنَ فِرَاشِ الْأَوَّلِ بَاقٍ، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ كَمَا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ إنَّهُ الَّذِي يَنْبَغِي الْفَتْوَى بِهِ، وَنَقَلَهُ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ ‏(‏أَوْ‏)‏ وَلَدَتْ لِلْإِمْكَانِ ‏(‏مِنْهُمَا‏)‏ أَيْ الزَّوْجِ الْأَوَّلِ، وَالثَّانِي بِأَنْ وَلَدَتْهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَطْءِ الثَّانِي وَلِدُونِ أَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ طَلَاقِ الْأَوَّلِ ‏(‏عُرِضَ‏)‏ الْوَلَدُ حِينَئِذٍ ‏(‏عَلَى الْقَائِفِ‏)‏ وَهُوَ كَمَا سَيَأْتِي آخِرَ كِتَابِ الدَّعْوَى‏:‏ مُسْلِمٌ عَدْلٌ مُجَرِّبٌ، وَيُعْمَلُ بِقَوْلِهِ فِي إلْحَاقِ الْوَلَدِ حِينَئِذٍ ‏(‏فَإِنْ أَلْحَقَهُ بِأَحَدِهِمَا‏)‏ الْأَوَّلِ أَوْ الثَّانِي ‏(‏فَكَالْإِمْكَانِ‏)‏ أَيْ حُكْمُهُ كَالْإِمْكَانِ ‏(‏مِنْهُ فَقَطْ‏)‏ وَقَدْ مَرَّ حُكْمُهُ، وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ‏:‏ أَلْحَقَهُ بِأَحَدِهِمَا عَمَّا إذَا أَلْحَقَهُ بِهِمَا أَوْ نَفَاهُ عَنْهُمَا أَوْ اشْتَبَهَ الْأَمْرُ عَلَيْهِ أَوْ لَمْ يَكُنْ قَائِفٌ فَيُنْظَرُ بُلُوغُهُ وَانْتِسَابُهُ بِنَفْسِهِ‏.‏

تَنْبِيهٌ‏:‏

بَقِيَ مِنْ الْأَقْسَامِ عَدَمُ إمْكَانِ الْوَلَدِ مِنْهُمَا بِأَنْ كَانَ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَطْءِ الثَّانِي وَلِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ طَلَاقِ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ لَا يَلْحَقُ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا

تَتِمَّةٌ‏:‏

لَوْ وَطِئَ مُعْتَدَّةً عَنْ وَفَاةٍ بِشُبْهَةٍ فَأَتَتْ بِوَلَدٍ يُمْكِنُ كَوْنُهُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا وَلَا قَائِفَ أَوْ هُنَاكَ قَائِفٌ وَتَعَذَّرَ إلْحَاقُهُ انْقَضَتْ بِوَضْعِهِ عِدَّةُ أَحَدِهِمَا وَبَقِيَ عَلَيْهَا الْأَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ وَمِنْ بَقِيَّةِ عِدَّةِ الْوَفَاةِ بِالْأَشْهُرِ، فَإِنْ مَضَتْ الْأُولَى قَبْلَ تَمَامِ الثَّانِيَةِ فَعَلَيْهَا تَمَامُهَا لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ مِنْ الْأَوَّلِ